ولا لأقل، فإذا أعطى لخمسة مدين مدين؛ بنى على خمسة فقط، وإن أعطى عشرين مسكينا نصف مد لكل واحد؛ لم يجزه، ويعطى الفطيم كالكبير، ولا يصح التلفيق بين الإطعام والكسوة، كأن يطعم خمسة ويكسو خمسة، والثاني أن يكونوا مسلمين، فلا تدفع للكفار، لأنها قربة، والكفار ليسوا من أهلها قياسا على الزكاة، فإنها تؤخذ من أعنياء المسلمين، وترد على فقرائهم، والثالث أن يكونوا مساكين، احترازا مما لو دفعها لأغنياء وهو عالم بحالهم، والرابع أن يكونوا أحرارا، والخامس أن يكون المعطى مدا بمد النبي ﷺ، فلا يجزئ ما دونه، والمذهب استحباب الزيادة على المد بغير المدينة لاختلاف العيش، وهو الذي أشار إليه المؤلف بقوله «وأحب إلينا لو زاد على المد مثل ثلث مد، أو نصف مد».
قال مالك بعد ذكر المد:«فأما سائر الأمصار؛ فإن لهم عيشا غير عيشنا»، والقول بزيادة الثلث بمصر لأشهب، وزيادة النصف لابن وهب، وقال ابن القاسم لا يزاد، وهذا منهم ﵏ رعاية للمطلوب من شبع المسكين، المشار إليه في كلام الله تعالى بالإطعام، ويقوم مقام المد عندهم شيآن: إما رطلان من الخبز بالرطل البغدادي مع أُدْم زيت أو لبن أو لحم، وإما إشباعهم غداء وعشاء، ولا يجزئ أحدهما، هكذا قالوا، ولفظ الإطعام الوارد في النصوص وإن احتمل التمليك إلا أنه ظاهر في الإطعام المباشر، وإذا كان المطلوب الإطعام فإنه يصدق على إشباع المسكين مرة واحدة غداء وحده أو عشاء وحده.
واعلم أن من الشروط المذكورة ما هو نص القرآن، وهو العدد والمسكنة، فأما شرط الإسلام؛ فبقياس الكفارة على الزكاة، قال القرطبي في تفسيره (٦/ ٢٨٠): إذا دفع الكسوة إلى ذمي أو عبد لم يجزه، وقال أبو حنيفة يجزئه لأنه مسكين يتناوله لفظ المسكنة، ويشتمل عليه عموم الآية،،،»، وقال أيضا:«ومقتضى لفظ الفقراء لا يقتضي الاختصاص بالمسلمين دون أهل الذمة، ولكن تظاهرت الأخبار في أن الصدقات تؤخذ من أغنياء المسلمين فترد على فقرائهم، وقال عكرمة الفقراء فقراء المسلمين، والمساكين مساكين أهل الكتاب»، الجامع لأحكام القرآن (٨/ ١٧٤)، وأما الحرية فقد قالوا إن العبد ومن فيه شائبة رق غني بإنفاق سيده عليه، فإن كان عاجزا عن الإنفاق عليه؛ فليعتقه فهو كالغني، وهذا ليس بمتجه، وإلا لقلنا إن كل من وجب إنفاقه على غيره لا يعطى الكفارة، فأما أنه