للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا لآخريته انقضاء» أولى من قول الطحاوي: «قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء»، لتعبيره بما يطابق اسمي الله الأول والآخر»، انتهى.

قلت: القديم عند العرب هو المتقدم على غيره، ولا يدل على أنه غير مسبوق بعدم، كما قال تعالى: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩)[يس: ٣٩]، والعرجون أصل العنقود من الرطب، إذا يبس وانحنى، والقديم البالي، وعبر به لأن القدم في المخلوقات كالملازم للبلى.

ولم يرد القديم في جملة أسماء الله تعالى، فلا ينبغي إطلاقه عليه ﷿، لكن قد يذكر هذا الوصف بأن يقال عن بعض صفاته إنها قديمة من باب الإخبار، يقولون علم الله القديم، أو الإرادة صفة قديمة، فباب الإخبار لا يراد به أن هذا اسم لله تعالى مع ذلك فالتحفظ هنا خير، والله أعلم (١).

وقال ابن أبي العز في شرح قول الطحاوي السابق: «والعلم بثبوت هذين الوصفين مستقر في الفطر، فإن الموجودات لا بد أن تنتهي إلى واجب الوجود لذاته قطعا للتسلسل، فإنا نشاهد حدوث الحيوان والنبات والمعادن وحوادث الجو كالسحاب والمطر وغير ذلك، وهذه الحوادث وغيرها ليست ممتنعة، فإن الممتنع لا يوجد، ولا واجبة الوجود بنفسها، فإن واجب الوجود بنفسه لا يقبل العدم، وهذه كانت معدومة ثم وجدت، فعدمها ينفي وجوبها، ووجودها ينفي امتناعها، وما كان قابلا للوجود والعدم لم يكن وجوده بنفسه، كما قال تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥)[الطور: ٣٥]،،،».

وقال رسول الله : «يأتي الشيطان أحدكم فيقول: «من خلق كذا؟، من خلق كذا؟، من خلق كذا؟، حتى يقول: «من خلق ربك»؟، فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته» (٢)، وقال رسول الله : «إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول: «من خلقك»؟، فيقول: «الله»، فيقول:


(١) «شرح الطحاوية» للألباني (ص ١٥ و ٢٧)، الهامش (٥)، و «مجموع الفتاوى» لابن تيمية» (١/ ١٤٨).
(٢) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>