٠٧ - «والابن أولى من الأب، والأب أولى من الأخ، ومن قرب من العصبة أحق، وإن زوجها البعيد مضى ذلك».
لما قدم الكلام على الولي عموما أشار هنا إلى ترتيب الأولياء الذين يتعددون حسب الأحقية في إنكاح المرأة الثيب، والمذهب مراعاة أحقيتهم في الميراث في الجملة، فأولاهم الابن وإن من زنا، فابنه، فالأب، فالأخ الشقيق، فالأخ لأب، فابن الأخ الشقيق، فابن الأخ لأب، فالجد، فالعم، فابن العم، وقيل يقدم الجد على الأخ لكون الجد أبا، وتقديم الابن على الأب هو المشهور، لأنه أقوى منه في التعصيب، وهو قول ابن القاسم، وهو تحصيل المذهب من أصحاب مالك المصريين، وقيل إن الابن لا ولاية له على أمه إلا أن يكون من عشيرتها، لأنه لا ينسب إليها، ورد هذا بتزويج عمر بن سلمة أم سلمة ﵃ من النبي ﷺ، رواه أحمد والنسائي عنها، لكن الاحتجاج به على تقديم الابن على الأب باطل، لأن أباها لم يكن موجودا حين تزويجها، وقد أعل الحديث المذكور بأن عمر كان سنه حين تزوج أم سلمة سنتين، وانظر في ذلك نيل الأوطار للشوكاني (٦/ ٢٥٦)، والمحلى لابن حزم (٩/ ٤٥٧)، لكن الغماري أقر الاستدلال به على المشروعية في مسالك الدلالة ص (١٨٣).
والظاهر رواية المدنيين عن مالك أن الأب أولى من الابن لكمال شفقته وحسن نظره مع ما في السنة مما يشهد لتقديم الكبير على الصغير في الكلام كقول النبي ﷺ كبر الكبر، وقد تقدم ذكر الخلاف فيما لو زوج الأبعد مع وجود الأقرب، وأن المشهور مضي النكاح بذلك، ويشعر الناظر في هذا الباب بكثرة اضطراب الأقوال كما قاله إسماعيل بن إسحاق القاضي وابن عبد البر.