للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: «والذي نفسي بيده ما السموات السبع، والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة» (١)، وفيه نص على حجمه قياسا إلى السموات والأرض، وعلى حجم العرش قياسا إلى الكرسي.

وقد جاء عن ابن عباس بسند صحيح قال: «الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى» (٢)، والخير في التسليم، وروي عنه تفسيره بالعلم ولم يصح، فضلا عن أنه يلزم منه التكرار، لسبق الكلام على العلم، وإثبات الكرسي والعرش لا يلزم منه تمثيل، ولا تكييف، ويقال فيه ما يقال في العرش، بيد أنه لم يرد في الكرسي من صفات الفعل ما ورد في العرش من الاستواء فيما أعلم.

واختلف في أيهما خلق أولا، العرش أم القلم؟، والصواب: أنه القلم، ومن قال إن العرش أول مخلوق قاله استنباطا ككما أشار إليه الألباني ، ودليل ذلك قول النبي : «إن أول ما خلق الله القلمُ، فقال له: اكتب، قال: رب وما أكتب؟، قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة، من مات على غير ذلك فليس مني» (٣)، وقد يكون في الاستدلال بهذا الحديث على كون القلم أول مخلوق شيء لما في إعراب كلمة أول من الاحتمال، لكن الاحتمال المذكور يرفعه قول النبي : «إن أول شيء خلقه الله تعالى القلم، فأمره فكتب كل شيء يكون» (٤).

وقال ابن القيم في نونيته:

والناس مختلفون في القلم الذي … كتب القضاء به من الديان


(١) «شرح الطحاوية» لابن أبي العز (ص ٣٢٢).
(٢) عزاه ابن كثير لتفسير وكيع والحاكم، وهو مرفوع حكما لأنه مما لا يقال بالرأي.
(٣) رواه أبو داود عن عبادة بن الصامت .
(٤) رواه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات وأبو يعلى عن ابن عباس ، وانظر «الصحيحة» (١٣٣) و «صحيح الجامع» الصغير كلاهما للألباني .

<<  <  ج: ص:  >  >>