للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك بمد هشام أنه كان يرى مراعاة الشبع في كفارة الظهار، لأن الله تعالى أطلق الإطعام ولم يذكر الوسط، وخير من يقدر ذلك الحاكم، فاعتمد مد هشام لهذا المعنى، ولم يقصد أن يجعله مقدارا شرعيا، يؤيده ما روى عنه مطرف أنه كان يفتي في كفارة الظهار بمدين لكل مسكين، ويكره أن يقال مد هشام، قال الباجي وذلك: «لما بلغه أنه قد ظُن به أنه قد جُعل مقدارا في نفسه أنكره وكرهه»، ثم قال في المنتقى (٤/ ٤٥): «إن هذا المد موجود إلى اليوم وهو كيل السراة وغيرها من بلاد العرب،،،، ولا شك فيه ولا مرية، فقد شاهدت ذلك وباشرته وحققته،،،».

وقد عللواالزيادة في كفارة الظهار على كفارة اليمين بأن هذه قد نص فيها على أن الطعام يكون ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ (٨٩)[المائدة: ٨٩]، بخلاف الظهار فقد أطلق فيه الإطعام مع ما فيه من التغليظ، فكان المعتبر هنا الشبع، قال هذا ابن عبد البر، وينقضه أنهم يقولون في فدية الإفطار في رمضان مد، مع أن الله تعالى قال: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ (١٨٤)[البقرة: ١٨٤]، ويقولون ذلك في بدل جزاء الصيد، والله تعالى يقول فيها: ﴿أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ (٩٥)[المائدة: ٩٥]، أما فدية الأذى في الحج والعمرة فهي منصوصة، وقال بعضهم إن كون المدين هو المطلوب في الإطعام في كفارة الظهار إنما هو تغليظ على المظاهر لكونه قال منكرا من القول، وهذا لا يلزم، والذي يظهر هو أنه ما لم يأت نص أو إجماع يحتج به على اختلاف الإطعام في هذه الأمور أن أمره واحد كيفما كان، في فدية من أفطر، وفدية من أخر القضاء من غير عذر عن وقته، وفدية البدل في صيد البر للمحرم، وكفارة اليمين، وكفارة الظهار، فإما أن يؤخذ بمطلق الإطعام الذي يعني الشبع، وقد نص على مقداره في كفارة الفطر من رمضان في الحديث الصحيح، أما فدية الأذى للمحرم فقد جاء النص على مقدارها وهو مدان، والله المستعان.

والقدرة معتبرة قبل الشروع في الكفارة، لكن إن شرع في الصيام ثم أيسر بعد يوم أو يومين؛ استحب له أن يعتق، ولا يجب عليه ذلك لأنه دخل في نوع الكفارة بوجه مشروع، كمن شرع في الصلاة لعدم وجود الماء ثم حضر الماء، فإنه لا يجب عليه القطع، لاستصحاب الإجماع في موضع النزاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>