وأن تكون الزوجة مطيقة للوطء ممكنة من الدخول بها، وأن لا يكون أحد الزوجين مشرفا على الموت، وفي هذه الشروط ولا سيما الأخير نظر، ودليل وجوب الإنفاق على الزوجة؛ قول رسول الله ﷺ في خطبة حجة الوداع:«اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف،،،»، رواه مسلم عن جابر من حديث طويل، ولقول النبي ﷺ لهند بنت عتبة:«خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف»، وفيه دليل على لزوم إنفاق الرجل على زوجته وولده، ولولا أن ذلك واجب عليه؛ ما جوز لها أن تأخذ من ماله ما يكفيهم بالمعروف من غير إذنه.
وأما الوالدان الفقيران ولو كافرين؛ فلأن الله تعالى أمر بالإحسان إليهما، والإنفاق عليهما بسد حاجتهما يأتي على رأس ذلك، وإذا لم يدخل في الإحسان إليهما هذا؛ فأين الإحسان الموصى به كما قال الله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا (٨)﴾ [العنكبوت: ٨]، ولأن الله تعالى ذكرهما في مقدمة من ينفق عليهم إذ قال: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥)﴾ [البقرة: ٢١٥].
والنوع الثالث الإنفاق على الأولاد الصغار الذين لا مال لهم، أما الذكور؛ فحتى يبلغوا قادرين على الكسب، ويجدوا ما يكتسبون فيه، والمراد بالزمانة بفتح الزاي في كلام المؤلف المرض والآفة التي تمنع الاكتساب والعمل، وأما أجل الإنفاق على الإناث؛ فحتى يدخل بهن أزواجهن، البالغون الموسرون، أو يدعون إلى الدخول فيمتنعون، ومن الأدلة على ذلك ما في حديث هند بنت عتبة، ومنها ما في كتاب الله تعالى من إيجابه سبحانه أجرة الإرضاع على الوالد وقد تقدم، وهذا وإن كان خاصا بزمن الرضاع؛ فإن العلة بعده موجودة، وهي عدم القدرة على الكسب والعمل، فيكون الأمد المضروب هو البلوغ قطعا للنزاع، ولعل في هذا ما يكمم أفواه دعاة حقوق الطفل والمانعين من استغلال الأطفال في الحروب والأعمال في هذا العصر، وقد رد النبي ﷺ عبد الله بن عمر، ولم يأذن له في القتال لكونه كان صغيرا، ثم أذن له بعد، وعمره خمس عشرة سنة، ومن ذلك ما رواه أبو داود وغيره عن أبي هريرة أن رجلا جاء إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، عندي دينار، قال: