الأول: كيفية الصفات مجهولة للعباد، والثاني: معاني الصفات معلومة من لسان العرب ولغتها، والثالث: الإيمان بالصفة كما أخبر الله بها مع الجهل بكيفيتها، والعلم بمعناها واجب، لأنه داخل في عموم الإيمان بالله تعالى، والرابع: أن الزيادة والنقص بالسؤال والخوض فيها بدعة مذمومة، لم تعرف عن السلف، لما تتضمن من القول على الله تعالى بغير علم»، انتهى.
وقال الشيخ أبو الحسن: «لا يرد على هذا اللفظ ما ورد على قوله قبل (فوق عرشه) لأن القرآن أتى به، وهو من المتشابه، فمن العلماء كابن شهاب ومالك من منعوا تأويله، وقالوا نؤمن به، ولا نتعرض لمعناه، ومنهم من أجاز تأويله قصدا للإيضاح، فمعنى استوائه على عرشه استيلاؤه عليه استيلاء ملك قادر قاهر، ومن استولى على أعظم الأشياء؛ كان ما دونه في معناه، ومنطويا تحته، وقيل الاستواء بمعنى العلو، أي علو مرتبة ومكانة، لا علو مكان!!، انتهى.
ولا يخفى عنك أن هذا التأويل لا حاجة إليه، بل إنه مخالف للصواب، وتعليل غير مقنع، ولا ينبغي التمثيل لمن رفض التأويل بمالك وابن شهاب كأنهم قلة في هذا الأمر، فإنه هو الذي عليه الصحابة والتابعون وتابعوهم، والمؤولون هم القلة يومئذ، وإن كثروا فيما بعد فقد خالفوا ما عليه سلفهم، والقول بأن مالكا لم يتعرض للمعنى غير مقبول، فإنه قال الاستواء معلوم، وقوله هذا منصرف إلى ما سئل عنه من كلام الله، وإنما المجهول هو الكيف، فالآية ليست من المتشابه، وإلا لكانت كل آيات الصفات وأحاديثها من هذا القبيل، فيكون أعظم ما يكلف به المرء وهو معرفة الله لا يعرف له معنى.
ثم إن الله تعالى هو خالق العرش وغيره، والخالق للشيء لا يحتاج أن يقال إنه استولى عليه، وإنما يقال هذا في حق من كان الشيء ليس تحت سلطانه، ثم صار تحته، والأمور كلها مستوية في قدرة الله، فلا يقال إن ما دون العرش أولى بالاستيلاء، إلا على وجه الاحتجاج على المنكر، كما احتج الله تعالى على منكري البعث بقوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١٩)﴾ [العنكبوت: ١٩]، وقال تعالى: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان: ٢٨]، وقال: ﴿ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا