مع أنه قد ورد ما يشمل الأجناس الربوية أن يباع رطب منها بيابس كما في حديث ابن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ نهى عن المزابنة»، والمزابنة بيع الثمَر بالتمر كيلا، وبيع الكرم بالزبيب كيلا»، رواه مالك ومن طريقه البخاري (٢١٨٥)، ومسلم (١٥٤٢)، والثمر بالثاء المثلثة هنا ثمر النخل ما دام في شجره، والكرم شجر العنب، والمراد العنب نفسه، من تسمية الشيء بأصله، وقد جاء النهي عن تسميته بذلك، فيحتمل صرفه إلى الكراهة متى قيل إن تفسير المزابنة من المرفوع، قال الباجي عن بيان معنى المزابنة:«الأظهر أنه من قول النبي ﷺ لاتصاله بقوله، وإن كان من قول ابن عمر فهو حجة، لأن هذا أمر طريقه اللغة، وابن عمر حجة في ذلك»، انتهى، ونحوه قال الحافظ في الفتح (٤/ ٤٨٦)، ويدخل في المزابنة ما إذا باع صُبرة - بضم الصاد - من طعام بعشرين صاعا مضمونة، فما زاد فله وما نقص فعليه، فهذا من المزابنة، وقد جاء في حديث ابن عمر ﵄ عند البخاري (٢١٧٢)«والمزابنة أن يبيع الثمر بكيل إن زاد فلي، وإن نقص فَعَلَيَّ»، انتهى، ففيه مقامرة وغرر ومخاطرة نص على ذلك مالك في الموطإ، واعتمد على هذا المعنى وعلى النهي عن الغرر فوسع دائرة المزابنة، فلم تختص بالربويات ولا بالمطعومات عنده، بل تشمل كل بيع مجهول بمعلوم من جنسه فقال في الموطإ:«وتفسير المزابنة أن كل شيء من الجزاف الذي لا يعلم كيله ولا وزنه ولا عدده ابتيع بشيء مسمى من الكيل أو الوزن أو العدد،،»، انتهى، قال ابن عبد البر:«نظر مالك إلى معنى المزابنة لغة، وهي المدافعة ويدخل فيها القمار والمخاطرة»، انتهى، ولذلك قال أهل المذهب إذا علمت الزيادة جاز البيع، يعني لانتفاء المخاطرة، وإذا منع بيع معلوم بمجهول من جنسه، فأحرى أن يمنع بيع مجهول بمجهول من جنسه، وحاصل المسألة:
- عدم جواز بيع الجنس الواحد من الطعام غير الربوي المجهول القدر منه بالمعلوم، إلا إذا تبين الفضل فيجوز.
- كما يمنع بيع مجهول بمعلوم من جنسه من غير الطعام.