والمرجع في ذلك مائة من الإبل، ومما يذكر أن الإمام ﵀ تمضية منه لتلك القيمة قال بها فيمن أسقط حمل غير الإنسان، فعليه عشر قيمة الأم، ويظهر من هذا أنه اعتبر عشر الدية أصلا قاس عليه عشر قيمة الأَمَةِ، ثم عشر قيمة الدابة، أشار إلى هذا ابن حزم في المحلى (١١/ ٣٥ و ٣٨)، وإذا كنا في الدية قد لزمنا التمسك بنسبة العشر لما ذكرنا فلا داعي لذلك في الدابة، بل يقال يضمن الجاني الفرق بين قيمتها حاملا وقيمتها من غير حمل، أما جرح الدابة ففي الموطإ:«والأمر عندنا فيما أصيب من البهائم أن على من أصاب منها شيئا قدر ما نقص من ثمنها»، انتهى، والله أعلم.
ودليل دية الجنين حديث أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قضى في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة: عبد أو أمة»، رواه مالك (١٥٥٥) والشيخان، والغرة بضم الغين المعجمة وتشديد الراء أصلها البياض في وجه الفرس، كأنه عبر بالغرة عن الجسم كله»، قاله في الروضة الندية، وأهل المذهب يستحبون مع ذلك أن يكون العبد أو الأمة من البيض لا من السودان تمسكا بذلك الوصف، وقد قال بلزوم وصف البياض أبو عمرو بن العلاء، قال ابن الأثير بعد ذكره: وليس ذلك بشرط عند الفقهاء.
ومذهب مالك أن دية الجنين في مال الجاني، لكون ذلك هو الأصل حتى يأتي ما ينقل عنه، وقد جاء ما يدل أنها على العاقلة، وهو حديث أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغرة عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت، فقضى رسول الله ﷺ أن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصبتها»، رواه البخاري (٦٩٠٩)، وليس الحديث بالصريح في تحميل العاقلة دية الجنين ابتداء، لكن بجمع ما ورد من الروايات يحصل ذلك، فعن المغيرة ابن شعبة أن امرأتين كانتا تحت رجل من هذيل فضربت إحداهما الأخرى بعمود فقتلتها فاختصموا إلى النبي ﷺ، فقال أحد الرجلين:«كيف ندي من لا صاح ولا أكل، ولا شرب ولا استهل، فمثل ذلك يطل»، فقال: أسجع كسجع الأعراب؟، فقضى فيه غرة، وجعلها على عاقلة المرأة»، رواه مسلم وأبو داود واللفظ له، وهو في الموطإ (١٥٥٦) نحوه مرسلا عن سعيد بن المسيب، قال القرطبي في تفسيره (٥/ ٣٢٢) مبينا رجحان مذهب غير مالك اعتمادا على الحديث المتقدم: «وهو