يقتل؛ فلا قتل عليه، والأقوى أنه ترك ذلك للعلة التي نص عليها النبي ﷺ، والقول شريعة عامة فيقدم على الفعل كما هو معلوم عند أهل الأصول، وأثر حفصة الذي أشار إليه الشوكاني رواه مالك (١٥٨٥) عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنه بلغه أن حفصة زوج النبي ﷺ قتلت جارية لها سحرتها، وقد كانت دبرتها، فأمرت بها فقتلت»، وقد وصله غير مالك، وما جاء من إنكار عثمان بن عفان ﵁ على حفصة -رضي الله تعالى عنها- قتل جاريتها الساحرة فقد راجعه في ذلك ابن عمر فسكت عثمان، وتؤول إنكاره على أنه إنما أراد كراهة ذلك دون الرجوع إليه قبل قتلها.
وقد ترك مالك أثرا عن عائشة أَوْرَدَهُ في موطئه بآخرة لمخالفته ما في أثر حفصة، فلم يروه يحيى بن يحي الليثي وبعض ممن روى الموطأ، لكنه في موطإ أبي مصعب الزهري (٢٧٨٢) عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنها أعتقت جارية لها على دبر منها، ثم إنها مرضت بعد ذلك ما شاء الله، فدخل عليها سندي فقال: إنك مطبوبة، فقالت: من طبني؟، فقال:«امرأة من نعتها كذا وكذا، وفي حجرها صبي قد بال»، فقالت عائشة: ادع لي فلانة لجارية لها تخدمها، فوجدوها في بيت جيران لها، في حجرها صبي قد بال، فقالت: حتى أغسل بول الصبي، فغسلته ثم جاءت، فقالت لها عائشة: سحرتني؟، فقالت: نعم، فقالت: لِمَ؟، فقالت: أحببت العتق، فقالت عائشة:«فو الله لا تُعتقينَ أبدا»، فأمرت عائشة ابن أخيها أن يبيعها من الأعراب ممن يسيء ملكتها، ثم قالت:«ابتع لي بثمنها رقبة حتى أعتقها»، ففعلت،،، «انتهى المراد منه، قال ابن عبد البر في الاستذكار (٨/ ١٥٩) بعد أن أورد هذا الأثر: «وفيه أن السحر حق، وأنه يؤثر في الأجسام، وإذا كان لم يُؤمن منه ذهاب النفس، وفيه أن الغيب تدرك منه أشياء بدروب من التعليم فسبحان مَنْ عِلْمُهُ بلا تَعَلُّمٍ، ومن يعلم الغيب حقيقة لا كمن يعلمه من يخطئ مرة، ويصيب أخرى تخرصا وتظننا، وفيه إثبات النشرة وأنها قد ينتفع بها، وحسبك ما جاء فيها من اغتسال العائن للمعين، وفيه أن الساحر لا يُقْتَلُ إذا كان عمله من السحر ما لا يَقْتُلُ»، انتهى.
قلت: أثر عائشة -رضي الله تعالى عنها- وإن كان رجاله ثقات إلا أن فيه ما لا يرتضى، وما لا يظن بأم