الإسلام، ولذلك نص عليه بقوله «والكافر يحد في القذف ثمانين»، فهذان شرطان في القاذف.
أما المقذوف فيشترط فيه العقل والبلوغ والإسلام والحرية والعفة ووجود آلة الوطء، ويعنون بالعفة أن لا يكون قد حد في الزنا، أو زنى بعد القذف، وقبل إقامة الحد عليه، أو قذفه وثبت عليه ذلك، بخلاف قذفه بنفي النسب، واحتجوا على شرط العفة بوصف الإحصان في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾، فإن المراد العفائف، قال ابن كثير هي الحرة البالغة العفيفة، وقد رد الشوكاني في السيل الجرار (٤/ ٣٤٢) الاستدلال بهذه الآية على عدم إقامة الحد على قاذف غير العفيف لأن من معاني الإحصان الحرية والإسلام والتزوج، ثم هذا الذي ليس بعفيف داخل في العصمة الإسلامية لا يخرج منها بمجرد ارتكابه بعض معاصي الله سبحانه، إلى أن قال:«وقد أقام عمر بن الخطاب حد القذف على من شهد على المغيرة بالزنا مع اشتهار عدم عفته، وكان ذلك بمحضر من الصحابة»، انتهى.
قال كاتبه: الإحصان في الآية لا يحمل على التزوج إذ لا قائل بعدم إقامة الحد على قاذف غير المتزوج، ولا يصح أن يحمل على الإسلام لأن عرض الكافر غير معصوم، فهذان غير مرادين في الآية فلم يبق إلا حمله على الحرية والعفة كما حددت من قبل، وهم لا يعنون بها عدم ارتكاب المعاصي كما هو ظاهر كلامه، بل خصوص العفة من الزنى فتنبه، وحرمة عرض العبد المسلم العفيف ثابتة فلا تستثنى إلا بالدليل، ويعنون بوجود الآلة أن لا يكون مجبوبا، فلا حد على من قذفه بالزنا، والمذهب أن الوالد يجلد في قذفه ولده، غير أنه إن لم يعف عنه تسقط عدالته لمخالفته نهي الله تعالى في قوله: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣)﴾ [الإسراء: ٢٣]، وقد علمت أنه لا يقاد الوالد من ولده إلا في الغيلة، والظاهر أن الأدلة المانعة من القَوَد صالحة لمنع إقامة الحد عليه في القذف، وفي الموطإ (١٥١٠) عن زريق الأيلي أن رجلا يقال له مصباح استعان ابنا له فكأنه استبطأه، فلما جاء قال له يا زاني، قال زريق فاستعداني عليه، فلما أردت أن أجلده قال ابنه: والله لئن جلدته لأبوأن على نفسي بالزنا، فلما قال ذلك أشكل علي أمره، فكتبت فيه إلى