للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إذا سرق السارق فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رِجْلَهُ فإن عاد فاقطعوا يده، فإن عاده فاقطعوا رِجْلَهُ»، صححه في الإرواء (ح/ ٢٤٣٤)، والانتقال في المرة الثانية إلى الرِّجْلِ مناسب لحاجة المرء إلى اليد أكثر من حاجته إلى الرِّجْلِ، وقد جاء بيان ما يقطع في حديث عبد الله بن زيد الجهني عند أبي نعيم وهو ضعيف.

فإن قلت: روي عن مالك القول بقتله في المرة الخامسة، فالجواب: أنه قد قيل إنه رجع عن ذلك واستقر مذهبه على الاكتفاء بتعزيره، لكن دليل ما روي عنه موجود وهو ما أخرجه أبو داود والنسائي والبيهقي عن جابر مرفوعا، وفيه قول جابر: «فأتي به في الخامسة فقال: اقتلوه، قال: فانطلقنا به فاجتررناه، فالقينا به في بئر، ورمينا عليه الحجارة»، وانظر الإرواء.

وقد روى مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلا من أهل اليمن أقطع اليد والرِّجْلِ قَدِمَ، فنزل على أبي بكر الصديق فشكا إليه أن عامل اليمن قد ظلمه، فكان يصلي من الليل، فيقول أبو بكر: وأبيك ما ليلك بليل سارق»، ثم إنهم فقدوا عقدا لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق، فجعل الرَّجُلُ يطوف معهم ويقول: «اللهم عليك بمن بَيَّتَ أهل هذا البيت الصالح»، فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاءه به، فاعترف به الأقطع فقطعت يده اليسرى، وقال أبو بكر: «والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي عليه من سرقته»، قال ابن عبد البر: «حصل اتفاق جمهور السلف والخلف على جواز قطع الرِّجْلِ بعد اليد، من قال بقول الحجازيين، ومن قال بقول العراقيين وهم عامة العلماء قالوا بذلك وهم يقرؤون: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا (٣٨)[المائدة: ٣٨] وهذه مسألة تشبه المسح على الخفين، وهم يقرؤون غسل الرجلين أو مسحهما، وتشبه الجزاء في الصيد في الخطإ، وهم يقرؤون: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (٩٥)[المائدة: ٩٥]، والجمهور لا يجوز عليه تحريف الكتاب، ولا الخطأ في تأويله، وإنما قالوا ذلك بالسنة المسنونة لهم والأمر المتبع»، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>