للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفريضة الأم الثالثة هي السدس، وذلك إذا ترك ولدها ولدا أو ولد ابن، أو اثنين من الإخوة الأشقاء أو لأب أو لأم فصاعدا لقول الله تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾، وظاهر قوله تعالى ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ أنها لا ترث السدس إلا أن يكونوا ثلاثة فأكثر لأن أقل الجمع ثلاثة، وعليه ابن عباس ، وقد روي أنه قال لعثمان بن عفان : «بم صار الأخوان يردان الأم إلى السدس؟، وإنما قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾، والأخوان في لسان قومك ليسا بإخوة»؟، فقال عثمان: «هل أستطيع نقض أمر كان قبلي، وتوارثه الناس، ومضى في الأمصار؟، انتهى، وفيه شعبة ابن دينار ضعيف، والأثر في تفسير الطبري، وقيل إنه قال له: «إن قومك حجبوها وهم أهل الفصاحة والبلاغة»، انتهى، ومراده أنهم أعرف باللغة، وقد ساق ابن العربي أدلة كثيرة من القرآن على إطلاق الاثنين وإرادة الجمع لكن مع وجود القرينة، فانظرها في كتابه أحكام القرآن، ومما استدل به لمذهب الجمهور قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (١٧٦)[النساء: ١٧٦]، ووجه ذلك أن أهل العلم أجمعوا أن من ترك أختا وأخا أن المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، وإنما قال الله ﴿وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً﴾، فهو مثل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾، مع أن المختار عند الأصوليين أن الاثنين أقل الجمع، وصلاة الجماعة تكون باثنين، وروى ابن ماجة والدارقطني عن أبي موسى عن النبي أنه قال: «اثنان فما فوقهما جماعة»، وفيه مجهول، وليس يمتنع أن يكون الشرع قد اعتبر الاثنين في الإرث وفي صلاة الجماعة بمثابة الجماعة في الحكم، وبقيت اللغة على أصلها فلا تلازم بين الأمرين، ولعل هذا قريب من مراد قول مالك في الموطإ، قال بعد ذكر الآية: «فمضت السنة أن الإخوة اثنين فصاعدا»، انتهى، وقد نقل عن ابن عباس أن السدس الذي حجبت عنه الأم بالإخوة الثلاثة فأكثر يعطى لهم، وقال: «إنما حجبوا أمهم عنه ليكون لهم، لا لأبيهم»، قال الطبري في التفسير: «فكفى إجماعهم على خلافه شاهدا على فساده»، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>