للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظام الأصابع، والمراد هنا عظام البدن وهي ستون وثلاثمائة كما في حديث عبد الله بن بريدة الذي رواه أحمد وأبو داود، فعلى المسلم أن يتصدق بصدقات بمقدار هذا العدد من المفاصل شكرا لله تعالى على نعمته عليه بها، وأيسر ذلك عليه ما ذكر من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، وقول الحق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن لم يقدر، أو حصل منه تقصير فلا يفرط في ركعتي الضحى، وكون الركعتين تجزيان عما ذكر يدل على عظم فضلهما، ويظهر أن غيرهما من النوافل في غير هذا الوقت لا يقوم مقامهما، وقال النبي : «صلاة الأوابين حين ترمَض الفصال»، رواه أحمد ومسلم عن زيد بن أرقم، والأوابون الرجاعون إلى الله بالتوبة، وترمَض بفتح الميم أي تصيبها الرمضاء وهي الرمل الحار فتحرق أخفافها لضعفها، والفصال جمع فصيل صغير الإبل إذا فصل عن الرضاع، وفيه فضيلة صلاة الضحى في هذا الوقت، وجاء في بيان وقتها ما يقابل بداية صلاة العصر من ارتفاع الشمس، وروى مالك ومن طريقه الشيخان عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: «ما رأيت رسول الله يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها، وإن كان رسول الله ليدع العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يعمله الناس فيفرض عليهم»، ومعنى ربط الافتراض بعمل الناس أنهم يعتادونه بالفعل ويدخلونه في حياتهم فلا يشق عليهم، فيفرض، وليس معنى ذلك ربط علم الله تعالى أو مشيئته الكونية بفعلهم، وإنما هو نحو قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ (١٤٣)[البقرة: ١٤٣]، وعائشة لم تنف الوقوع وإنما نفت الرؤية، ولا يلزم من نفي الثاني نفي الأول، كيف وقد أثبت ذلك غيرها، وجاء عنها تقييد النفي بما عدا الرجوع من السفر، وجاء عنها الإثبات مطلقا، فلا أقل من أن يدل ذلك على ثبوت فعله لها أحيانا، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>