تقدم ذِكْر فضل صوم يوم عرفة في حديث أبي هريرة عند مسلم وغيره، وهو أنه يكفر ذنوب سنة قبله، وسنة بعده، وإنما كان كذلك لأنه يوم اجتمعت فيه فضيلتان فضيلة العشر، أعني عشر ذي الحجة، وفضيلة اليوم، ويجتمعان في كون كل منهما في الشهر الحرام، قاله زروق ﵀، وإنما كان صومه لمن هو بعرفة دون صومه لمن ليس كذلك لأن النبي ﷺ كان مفطرا في حجة الوداع، وخير الهدي هديه، روى الشيخان عن أم الفضل قالت:«شكوا في صوم النبي ﷺ يوم عرفة، فأرسلت إليه بلبن فشرب وهو يخطب الناس بعرفة»، وقد جاء النهي عن صيام يوم عرفة بعرفة عند أحمد وابن ماجة من حديث أبي هريرة، ولم يصح، والظاهر من مجموع النصوص الواردة في صيام هذا اليوم أن لا يصومه من كان بعرفة ليقوى على أعمال الحج، ومنها الإكثار من ذكر الله وسرعة التأهب للنفر للمزدلفة، ويدل بفحواه على أن الوقوف بعرفة أجره عظيم بقطع النظر عن الأدلة التي جاءت نصا فيه، ووجهه أن الشرع جاء بترك صومه مع أنه يكفر سنتين، والشرع لا يفوت على المكلف مصلحة مثل هذه إلا لمصلحة أخرى راجحة، وهي ليست مجرد دفع المشقة، فإن الناس متفاوتون فيها فلو كانت كذلك لنص عليها، فثبت ما قلته، والله أعلم.