المباحات، ومرادهم الاستكثار منها، وقوله لا يعلمهن كثير من الناس»، يدل على أن بعضهم القليل يعلمون من أي القسمين هي، قال ابن رجب في كتابه جامع العلوم والحكم:«،،، وأما الراسخون في العلم فلا يشتبه عليهم ذلك، ويعلمون من أي القسمين هي،،،»، انتهى، وقوله:«ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام»، أي أن إقدام المرء على فعل ما يشتبه عليه من أي القسمين هو يجرئه على الارتقاء إلى ما فوقه مما هو خالص الحرمة فيقع فيه، تدل عليه رواية:«ومن يخالط الريبة يوشك أن يجسر»، أو أنه إذا أقدم على المشتبه فقد يكون حراما في نفس الأمر فيقع في الحرام، كما في رواية:«أوشك أن يخالط ما استبان»، قال نحوه ابن رجب، والحمى الموضع المحمي بحيث لا يدخله غير صاحبه، والمراد أن ما حرمه الله لا ينبغي أن يقترب منه المسلم بفعل ما اشتبه عليه من الأمور فيوقعه في الحرام المحض، ولذكر القلب هنا صلة بما قبله ياصاحبي، فإن فعل المشتبهات ناتج عن عدم سلامة القلب وصدقه في تطلب الحق، فلو كان كذلك لما أقدم صاحبه على ذلك، فإنه بمقدار صلاح القلب تصلح الأعمال مع العلم، وبمقدار فساده تفسد الأعمال ولو مع العلم، والعلم عند الله.