النهي عن تعاطي الأسباب غير المشروعة في تحصيل الأموال بدلالة استثناء التجارة التي تكون بالتراضي، وقال النبي ﷺ:«لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه»، رواه أبو داود عن حنيفة الرقاشي، لكن هذا والله أعلم لا يراد عمومه، لأن من مال المسلم ما قد تطيب به نفسه في الظاهر للاضطرار أو غيره لكن الله حرمه فلا عبرة بطيب نفسه إن حصل، فإن ربه أعلم بمصلحته منه بها، وقد ذكر المؤلف أنواعا من أكل أموال الناس بالباطل، فالقمار قد تطيب فيه نفس المقامر بماله، ولكنه ينشر العداوة والبغضاء بين الناس، فأي طيب هذا؟، والربا كذلك ينقطع به التراحم بين الناس وهو استغلال حاجة الضعيف، أما باقي ما ذكره فلا طيب معه، وكلها مشمولة بالأدلة السابقة.
فالغصب أخذ الشيء ظلما، وقيل هو استيلاء يد عادية على مال الغير على وجه يمكن معه الغوث، أرادوا بذلك إخراج السرقة والاختلاس والحرابة، والتعدي مثلُ الغصب، غير أنه التصرف في ملك الغير من غير قصد أخذه، فهو غصب المنفعة لا الذات، وهذا اصطلاح فلا تقلق، كما يشمل مجاوزة القدر في استيفاء الحق كالزيادة على المسافة في كراء الدابة والسيارة، أو في مقدار الحمل، والخروج عن العارية فيما تستعمل فيه، ولفظ الخيانة يشمل الخيانة في المال وفي العرض والنفس، لكن المراد هنا المال كأن يجحد ما اؤتمن عليه من الودائع والعواري، والربا بأخذ الزيادة في الدين ابتداء، أو نظير التأخير بعد انعقاد الصفقة، وغير ذلك من صور ربا الفضل والنسيئة، والسحت هو ما خبث من المكاسب، كمهر البغي وحلوان الكاهن والرشوة، وهي ما يعطى لإحقاق باطل أو إبطال حق، ويلحق به هدايا العمال، ومن السحت ما يؤخذ نظير الشهادة، ونظير بذل الجاه بالشفاعة الحسنة، أما الشفاعة السيئة فمحرمة لذاتها، وأخذ المال عليها حرام آخر، والضمان، فإنه هو والشفاعة والقرض لا يجوز أخذ العوض عنها، ومنه السؤال من غير حاجة، والقمارُ من قامرته وقمرته إذا غلبته، والمقصود أخذ مال الغير متى غلبه في لهو، أو هو كل لعب يشترط فيه أن يأخذ الغالب من المغلوب شيئا، وهو الميسر في القرآن، وسيأتي في السبق بيان ما يجوز منه، والغرر ومنه أن يأخذ مال غيره نظير عوض مجهول، ولذلك منعت في البيع الجهالة في الثمن والمثمن والأجل، أما الغرر اليسير فمغتفر لعسر اجتنابه،