الله على العبد، والذنب أعم من أن يكون معصية، وقد قيل حسنات الأبرار سيآت المقربين، وقال تعالى: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ (٣)﴾ [هود: ٣]، وقال النبي ﷺ:«ينزل ربنا ﵎ كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له؟، من يسألني فأعطيه؟، من يستغفرني فأغفر له»؟، رواه مالك وأحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة، وألفاظهم متفاوتة، وقال النبي ﷺ لعائشة -رضي الله تعالى عنها-: «إن كنت قد ألممت بذنب فاستغفري الله تعالى وتوبي إليه، فإن التوبة من الذنب الندم والاستغفار»، رواه البيهقي، وقال النبي ﷺ:«إن ربك ليعجب من عبده إذا قال: رب اغفر لي ذنوبي، وهو يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري»، رواه أبو داود والترمذي عن علي.
والرجاء هو الطمع في رحمة الله من المطيع، أما المتمادي في المعصية فرجاؤه مذموم، لأنه يزداد به اطمئنانا إلى ما هو فيه، والخوف هو الألم الذي يحسه المرء لتوقع مكروه مستقبلا، ولا بد من الخوف والرجاء معا حتى يستقيم حال الإنسان، فبالخوف يكف عن المعاصي، وينقبض عن الشبهات، ويتقال العمل، ويخشى عدم القبول، وبالرجاء ينشط للعمل فتزداد رغبته فيه فيكثر من الطاعات وينتظر رحمة الله، فالخوف من الله في الدنيا نيل الأمن في الآخرة، وعكسه كذلك، فلا يجمع الله تعالى على عبده أمنين، ولا خوفين، قال الشاطبي ﵀:«الخوف سوط سائق، والرجاء حاد قائد، والمحبة تيار حامل»، انتهى، والمطلوب تقديم الخوف في حال الصحة، والرجاء في حال المرض والضعف، ولا يجمع الله تعالى على عبده خوفين، فمن خافه في الدنيا أمنه في الآخرة، وقد جمع الله بينهما في كتابه قال الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (٥٧)﴾ [الإسراء: ٥٧]، وقال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (٩٠)﴾ [الأنبياء: ٩٠]، وقد جاء في كلام لأبي بكر الصديق قوله: «أوصيكم بتقوى الله، وتثنوا عليه بما هو له أهل، وتخلطوا الرغبة بالرهبة، فإن الله ﷿ أثنى على زكريا