للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإجابة هذه الدعوة واجب وهو المعتمد في المذهب، وقيل مندوب، وإنما تجب إذا دعي المرء بعينه دعاه صاحب الوليمة أو وكل من يدعوه، أو أرسل إليه رسالة باسمه، أو دعا جماعة محصورين، لا إن دعاهم بوصف، كطلاب العلم أو المسافرين، والظاهر أنه لا يلزم إجابة الدعوة إذا كانت الوليمة تصنع في قاعات الحفلات ولو لم يكن ثمة ما يخالف الشرع، لما في ذلك من الابتذال الذي لا يليق بأهل المروءة، فكيف إذا صحب ذلك أن يكون في القاعة الواحدة أكثر من وليمة مع المخالفات التي لا تخفى على أحد، وطول الانتظار وقد رأينا في بعضها أن النساء يتولين تقديم الطعام وخدمة المدعوين، وهذا لا يشك في عدم لزوم الإجابة معه، ويمنع الحضور إذا كان ثمة لهو بآلات الطرب أو الغناء، أو اختلاط الرجال بالنساء، أو وجود الصور المحرمة، بخلاف ضرب الدف كما تقدم، ومما نقل عن مالك أنه يباح التخلف عن الدعوة إذا كان هناك زحام بكثرة المدعوين، لما فيه من المشقة، واعتبر بعضهم حضور من يتأذى به المرء مبيحا للتخلف، والصوم ليس بعذر في التخلف، وإذا كان المدعو صائما فلا يلزمه الأكل، لأن الداعي قد ينتفع بحضور المرء لا بأكله، لكن إن كان في ذلك تطييب لخاطره ترجح له أن يأكل لقول النبي : «أخوك تكلف لك»، وأهل المذهب يرون لزوم المضي في الصوم النفل بالشروع كما تقدم.

وحكم الوليمة الندب على الزوج على قدر حاله، لا على أهل الزوجة كما هو الشائع اليوم، حيث تُعْمَلُ وليمتان، ولا يشترط في وليمة النكاح الذبح، كما قد يؤخذ من كلام الشوكاني في نيل الأوطار أثناء كلامه على السن الذي ينبغي أن تكون عليها النسيكة في العقيقة، وقد بينت ما فيه هناك، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>