للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١١ - «وإن سلم عليه اليهودي أو النصراني فليقل وعليك».

اختلف أهل العلم في رد التحية على غير المسلم هل هو واجب لعموم الأمر بالرد في آية سورة النساء، أو هو غير واجب، ذهب إلى الثاني الجمهور، ومنهم مالك رواه عنه أشهب وابن وهب، فإذا رد فليقل: وعليك، أو وعليكم، كما قال النبي : «إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: «السام عليك»، فقل: «وعليك»، رواه مالك وأحمد والشيخان عن ابن عمر، والسام الموت، وقد اختلف في ثبوت الواو في وعليك رواية، والصحيح ثبوتها ويكون المعنى الموت عليكم وعلينا: نحن فيه سواء، وإن اختلفنا فيما بعده، وقيل إن تحقق أنهم قالوا السام أو السلام بالكسر فإن شاء قال بالواو فله ذلك، لأنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا، فتأمل كيف لم يشرع الرد عليهم بذات الكلمة التي قالوها وحذفها من اللفظ مع أنها مرادة، لاجتناب الخصام، لأن المعنى وعليك السام، وقد ظنت أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي لم يفهم ما قاله اليهود في سلامهم عليه فردت عليهم دعاءهم كما رواه البخاري عنها قالت: «دخل رهط من اليهود على رسول الله فقالوا: «السام عليك»، ففهمتها فقلت: «عليكم السام واللعنة»، فقال رسول الله : «مهلا يا عائشة، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله، فقلت: «يا رسول الله، أو لم تسمع ما قالوا»؟، قال رسول الله : «قد قلت: «وعليكم»، فعائشة فهمت أنه رد عليهم بأن قال وعليكم يريد وعليكم السلام، فحذف المعلوم، وفيه أن من لوى لسانه بكلمة يريد بها الشر لمخاطبه، أنه يشرع للمخاطب إن علم مراده أن يرد عليه من غير أن يجبهه بكشف الستر عنه، لما في ذلك من التأليف، لاسيما إذا كان ذا منصب فإنه يتحقق بذلك الإعراض عن الجاهلين المأمور به، وقد كان اليهود معروفين بِلَيِّ ألسنتهم بالكلام، فإما أن يحملوا الكلمة معنى لا يريده الناس بها ويقولوها سخرية بالمخاطب ككلمة «راعنا» التي كانوا يخاطبون بها النبي يريدون بها معنى الرعونة لا معناها الغالب، فمنع الله المسلمين من

<<  <  ج: ص:  >  >>