إيغال في هذا المعنى، وقدمت المضمضة والاستتنشاق والاستنثار على غسل الوجه لأنهما أجزاء منه، ولأنه قد يتخلف من غسلهما شيء من رطوبات الفم والمخاط، فيقع على بعض أجزاء الوجه واللحية وهو مما يتقذر، فتأخر غسله عنهما ليأتي غسل الوجه على ذلك بالتنظيف، ولهذا المعنى كان الأمر بقص الشوارب لأنهما أسفل المنخرين، فإعطيا حكما غير حكم اللحية التي يتعين إعفاؤها، وكان غسلهما واجبا، وقال بعضهم إن تقديم المضمضة والاستشاق ليعرف الماء أصالح هو أم لا؟، وقدم غسل اليدين على الوجه لأن فيه حاسة البصر؛ فلو تأخر عنهما؛ فقد ينقل إليها ما يضر بها، ولهذا كان نفض اليدين في التيمم مشروعا كما سيأتي، وشرع مسح الرأس دون غسله؛ لما في ذلك من المشقة ببطء جفافه، وهكذا مسح الأذنين، فإن غسلهما باستمرار مضر كما دلت عليه التجربة، وجاء غسل الرجلين متأخرا عن الجميع لأن بهما يطأ الإنسان الأرض، والحكمة في ذلك أشهر من أن تذكر، ولهذا رأى بعضهم أن المطلوب فيهما الإنقاء، لا التحديد في عدد الغسلات كباقي الأعضاء، وقد نقل عن ابن عمر غسلهما مرات عديدة، فالحمد لله على ما أعطى لا نحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه.