الأخبار؟، ورحم الله أبا عبد الله البخاري حيث لم يخرج في صحيحه حديث زيد بن ثابت في الوضوء مما مست النار، ولا حديث جابر بن سمرة في الوضوء من لحوم الإبل»، هكذا قال، فيقال: أليس خروج الريح ناقضا للوضوء بالإجماع، فأية مناسبة بينه وبين غسل أعضاء الوضوء ومنها الرجلان؟، ولو اتبعنا الرأي فيه ومعاذ الله أن نفعل؛ لاقتضى ذلك غسل الدبر منه فحسب، ثم إن الوضوء من لحم الإبل أخص من الوضوء مما مست النار، فإذا دل الدليل على نسخ الأخير؛ فإن الأول ليس منه، ثم يقال ما أكثر الأحاديث التي لم يروها الإمام البخاري في صحيحه، وهي مع ذلك عمدة في استنباط الأحكام، وما أكثر الأحاديث التي صححها البخاري خارج صحيحه ونقل ذلك عنه العلماء، ومنهم الترمذي في جامعه.
ومن ذلك ما زعمه من أن قول من قال بعدم الوضوء بفضل وضوء المرأة «أقوال غريبة في هذا الباب، قال بها بعض السلف في صدر الإسلام انجرت إليهم من أوهام بأخبار ضعيفة، وعوائد قديمة، فقد كان أهل الجاهلية إذا استقوا من المياه سقي الرجال ثم سقي النساء،،،»، فهذه ورطة وقع فيها هذا الرجل ﵀، وما كان أغناه عنها، ومعظم النار من مستصغر الشرر، وقد حكى الله تعالى عن ابنتي الرجل الصالح قولهما تجيبان نبي الله موسى ﵊: ﴿قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ [القصص: ٢٣]، وأي ضير أن يستقي الرجال ثم يستقي النساء؟، فما هي إلا ثلاث احتمالات: الاختلاط، أو سبق النساء، أو سبق الرجال، ومثل هذا الكلام يزعزع ثقة الناس بدينهم، وبما هو في دواوين السنة الصحيحة، والمستيقن أن السلف أبعد - والله - أن يدينوا ربهم بشرائع الجاهلية، ومالك الذي مذهبه أن توضؤ الرجل بفضل وضوء المرأة جائز؛ اعتمد على فعل النبي ﷺ، وعلى حديث ابن عمر ﵄«أن الرجال والنساء في زمان رسول الله ﷺ ليتوضؤون جميعا»، لكنه ﵀ قال كلاما يجمع أطراف الأحاديث التي ظاهرها التنافي، مما يدل على أنه كان يرى الأمر مكروها، إذا تحرجت منه النفس وتقذرته، قال كما في (النوادر والزيادات ١/ ٢٠): «لا خير في هذا التقزز والتنجس!!، وأحب إلي أن يكون لهم قدح يغرفون به»، انتهى، وروى عن ابن عباس أنه سئل عن فضل وضوء المرأة