سلفا وذخرا وفرطا وأجرا»، فإنها ألفاظ متقاربة المعنى، المراد منها أن يكون الطفل سببا في حصول الأجر لوالديه، فقوله «سلفا؛ السلف المتقدم، وقد يكون المراد الدعاء بأن يلتحق به والدوه على ما مات عليه وهو الفطرة، فإن كل مولود يولد على الفطرة، وذخرا؛ الذخر ما ينتفع به مما يتخذه المرء ويخبئه ويعده لوقت الحاجة، والمراد الدعاء أن يدخر الله تعالى أجر فقده لوالديه عنده، وفرطا؛ الفرط بفتح الراء الذي يتقدم الواردة فيهيء لهم الأرسان والدلاء ويمدر الحياض - يطينها - ويستقي لهم، والمقصود الدعاء بأن يكون لهم أجرا يتقدمهم حتى يردوا عليه، كما يتقدم الفرط الواردة، والتعبير بهذه الألفاظ من قبيل التشبيه البليغ، وقوله «وأعظم به أجورهم»؛ يدل الجمع فيه على أن المراد بقوله لوالديه الجمع، فيدخل أجداده وجداته، وليس خصوص الوالدين الأب والأم، أي كثر أجورهم بسبب فقدهم له، فإن موت الابن مع الصبر والاحتساب فيه أجر عظيم.
وقوله:«وعافه من فتنة القبر ومن عذاب جهنم»؛ يشعر بأنه قد يتعرض لذلك، وقد روى مالك في الموطإ (٥٣٦) عن يحي بن سعيد قال: «سمعت سعيد بن المسيب يقول: صليت خلف أبي هريرة على صبي لم يعمل خطيئة قط، فسمعته يقول: «اللهم أعذه من عذاب القبر»، قال الباجي:«يحتمل أن أبا هريرة اعتقده لشيء سمعه من المصطفى ﷺ أن عذاب القبر عام في الصغير والكبير، وأن الفتنة فيه لا تسقط عن الصغير بعدم التكليف في الدنيا»، وقال أبو عبد الملك: يحتمل أنه قال ذلك على العادة في الصلاة على الكبير، أو ظن أنه كبير، أو دعا له على معنى الزيادة كما كانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تدعو الله أن يرحمها وتستغفره»، انظر شرح الزرقاني على الموطإ (٢/ ٦٢)، وقال النووي:«أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة»، اللهم أورثنا إياها بفضلك.
واعلم أنه لم يثبت دعاء خاص فيما أعلم يدعى به في الصلاة على الطفل، إلا أنه قد جاء في الحديث الذي رواه أبو داود (٣١٨٠) وسيأتي ذكره أنه يدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة، وقد يناسب أن يدعى في الصلاة عليه بما في الحديث الذي رواه مسلم وأصحاب