للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البخاري، وفي الصحيحين (خ/ ١٩٢٧) (م/ ١١٠٦) وغيرهما (ت/ ٧٢٩) عن عائشة «أن النبي كان يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لأربه»، وروى مالك (٦٥١) نحوه بلاغا، والأرب بفتح الهمزة والراء؛ الحاجة، وبكسرها مع سكون الراء العضو، وهذا تعليل من عائشة -رضي الله تعالى عنها- لتقبيله ومباشرته، فيدل على أنها تفرق في التقبيل بين من يملك نفسه، ومن لا يملك، وهذا أعدل المذاهب.

وروى مسلم (١١٠٨) عن عمر بن أبي سلمة أنه سأل النبي : «أيقبل الصائم»؟، فقال: «سل هذه»، لأم سلمة، فأخبرته أنه يفعل ذلك، فقال له: «يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، فقال له: «أما والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له»، وهذا يدل أن فعله هذا كغيره محل للقدوة، وقد كان يمكنه أن يقول لعمر: يجوز، فعدل عن ذلك إلى إحالته على زوجته وهي أمه ليتأكد، وإنما كان غضبه لبيان أن الأصل في أفعاله القدوة وأن الخصائص لا تثبت بمجرد الظن والاستبعاد، وقال بعض أهل العلم في إحالة النبي عمر على أمه لمعرفة الجواب: «أحاله في السؤال على أمه، وكان أهل الجاهلية لا يعرض أحدهم لولد الزوجة، ولا لأخيها؛ أنه يقبلها، ويخالطها، وقدر رسول الله في التنزيه عن ذلك أرفع، ولكن أراد أن يبين أن تنزيههم في الجاهلية عن ذلك رعونة ليست من الشريعة»، انظر شرح الأبي (٤/ ٤٢)، وجاء ما يدل على التفريق بين الشيخ والشباب، فقد روى أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «كنا عند النبي ، فجاء شاب فقال: يا رسول الله أقبل وأنا صائم؟ قال: «لا»، فجاء شيخ فقال: أقبل وأنا صائم؟ قال: «نعم»، قال: فنظر بعضنا إلى بعض فقال رسول الله : «إن الشيخ يملك نفسه»، وهو في الصحيحة برفم (١٦٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>