العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في بزوغ الفجر»، وقيل كانوا يصلون ثلاث عشرة ركعة، رواه محمد بن نصر المروزي من طريق محمد بن إسحاق وقد عنعن، وهو مدلس، وفي مصنف عبد الرزاق (٧٧٣٠) من طريق داود بن قيس عن محمد بن يوسف عن السائب نحو رواية مالك، غير أن فيها إحدى وعشرين ركعة، وهو ما رواه مالك أيضا عن السائب بن يزيد من طريق يزيد بن خصيفة، لكنه أسقط ركعة الوتر، ذكره الحافظ في الفتح.
وروى مالك في الموطإ (٢٤٩) عن يزيد بن رومان قال: «كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة».
فهذه روايات متضاربة في عدد ما صلاه الصحابة ومن تلاهم من السلف بعد تسليم ثبوتها، وقد جمع بعض العلماء بينها بأن ذلك كان باختلاف الأحوال، وبحسب تطويل القراءة وتخفيفها، والجمع إنما يصار إليه بين الروايات المقبولة من كلام وفعل المعصوم.
وقد استدل ابن عبد البر على وهم الإمام مالك فيما رواه من الإحدى عشرة ركعة بالروايات الأخرى التي خالفه رواتها في العدد، فقال في الاستذكار (٢/ ٦٨): «ولا أعلم أحدا قال في هذا الحديث إحدى عشرة ركعة غير مالك … »، وقال بعد ذكره روايات أخرى:«فهذا كله يشهد بأن الرواية بإحدى عشرة ركعة؛ وهم وغلط، وأن الصحيح ثلاث وعشرون، وإحدى وعشرون ركعة»، انتهى.
قال كاتبه: توسع المباركفوري ﵀ في التحفة (٢/ ٧٢ - ٧٦) في الكلام على هذه الآثار، ومما ذكره رواية سعيد بن منصور للعدد الذي رواه مالك، وقال السيوطي في رسالته المصابيح في صلاة التراويح عن سند مالك إنه في غاية الصحة، فتبين بهذا أن مالكا لم يتفرد بذكر هذا العدد، وقد تعقب الزرقاني وغيره ابن عبد البر فيما وهم فيه مالكا وردوه.
ورغم رواية مالك بعض هذه الأعداد وحكايته ما عليه العمل القديم في بلده المدينة؛ فإنه اختار لنفسه إحدى عشرة، وهو الذي كان يصليه النبي ﷺ، وجمع عليه عمر ابن الخطاب الناس، واستنكر تلك الأعداد بقوله: «لا أدري من أين أحدث هذا الركوع الكثير؟!!، وهو ما اختاره القاضي أبو بكر بن العربي ﵀، فإنه قال في العارضة (٤/ ١٩): «والصحيح أن يصلي إحدى عشرة ركعة صلاة النبي ﵇ وقيامه، فأما غير ذلك من