والشريف فوق الدني»، انتهى، وقال الشيخ ابن ناجي، هي:«فوقية معنى وجلال وعظمة»، انتهى، لكن لما وجدوا كلمة «بذاته»، وسيأتي الحديث عن زيادتها، ولعل المؤلف إنما أضافها قطعا لدابر التأويل؛ سعوا في تأويل مراده منها، فجعل الشيخ زروق ﵀ قوله (بذاته) متعلقا بالمجيد الذي هو وصف للعرش، فقال:«لكن رفعته وجلاله إنما هي بجعل من الله له، لا بذاته، ولا لذاته، ولا من ذاته»، انتهى، فهذا من التكلف الذي لا يخفى على المبتدئ، وهل يتصور مؤمن أن العرش خلق نفسه، أو اكتسب صفة العظمة والمجد من نفسه، حتى يحتاج إلى هذه القيود؟.
وذهب بعضهم إلى رفع كلمة (المجيد) باعتبارها خبرا لمبتدإ محذوف، وهذا حتى لا يحتاج إلى ذلك التأويل المتعسف، الظاهر التكلف، ويزال عن كلمة بذاته ما أراده المؤلف منها، قال الشيخ زروق:«والمجيد يقال بالخفض على أنه صفة للعرش، وبالرفع صفة لله تعالى، وهو الأظهر»، انتهى، ومن هنا كان ضبط كلمة (المجيد) بالضمة، وكتابة فاصلة بينها وبين كلمة (عرشه)، كما في متن الرسالة المصحوب بكتاب غرر المقالة، وما أظن أنه حصل دون قصد، فكتبت هكذا:«وأنه فوق عرشه، المجيدُ بذاته».
وثانيهما: أن يأتي بعضهم إلى قول المؤلف: «وهو في كل مكان بعلمه، خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه … » الخ، فيجعل فاصلة بين كلمتي (مكان)، و (بعلمه)، فتصبح الجملتان هكذا:«وهو في كل مكان، بعلمه خلق الإنسان»، حتى يعرب قوله بعلمه جارا ومجرورا متعلقا بخلق، ولعل الحامل لصاحب هذا التحريف أن يجد مستندا لما يذهب إليه أهل الحلول، نعوذ بالله من كفرهم، ولا أظن أنه حدث دون قصد، فهذا مثال لما لحق هذه العقيدة من التأويل.
لكن هذا يعتبر هينا إذا قورن بما لحقها من التحريف، وإن صرح فاعله بأنه سيزيد ألفاظا، وتجد مثالا على ذلك فيما أدخله الشيخ عبد الفتاح أبو غدة على هذه العقيدة من الزيادة والنقصان والاستبدال والتأويل فيما نشره بعنوان:(العقيدة الإسلامية التي ينبغي أن ينشأ عليها الصغار)، فهذه لو كانت من تاليفه فهو شيء يخصه، أما إن كان المقصود أنها عقيدة ابن أبي زيد فهي خيانة لأمانة العلم، وقد تولى الشيخ بكر أبو زيد كشف ذلك، إذ