الماجشون عن مالك، ويلزم من هذا القول؛ إخراج العروض في الزكاة، أو بقاء الزكاة في الذمة، أو الاستدانة، فانتبه وإنما تقوم العروض إذا لم تجب الزكاة في عينها، أما إن وجبت في عينها كالماشية والحبوب والثمار؛ فإن اللازم هو الإخراج منها حسب المقادير المذكورة في نصاب كل منها.
ولا يهولنك أيها القارئ ذكر وصف الاحتكار وهو مذموم، وعدم وجوب الزكاة على المحتكر كما تجب على المدير كل عام، فإن المراد هنا بيان كيفية زكاة المحتكر، وليس ذلك بإقرار لفعله، على أن المرء قد يوصف بهذا الوصف من غير أن يستوجب ذما، لأن الذم إنما لحقه لما في فعله من الإضرار بالناس، فاستثناه الشارع من البيع والشراء المباحين، إذ الاحتكار أن يجمع المرء الطعام ويحبسه عن الناس متربصا بذلك غلاء سعره، وقيل إن الاحتكار يعم الطعام وغيره، ويظهر أنه هو الصواب، وغالبا ما يكون ذلك إذا اشتراه من سوق الناس واحتجنه دونهم، بخلاف ما إذا جلبه من منطقة بعيدة، أو جمعه وقت عدم حاجة الناس إليه لكثرته، فحفظه من التلف، ثم أخرجه لهم حينما يحتاجونه، كما هو الغالب الآن في حفظ بعض الخضر والفواكه، فهذا ليس بالمحتكر المذموم، بل هذا مطلوب شرعا لوقاية المنتوج من التلف، وقد قال النبي ﷺ:«لا يحتكر إلا خاطئ»، رواه مسلم (١٥٠٦) وأبو داود وغيرهما عن معمر بن عبد الله، والاحتكار الادخار، ولا يراد به العموم لأن النبي ﷺ كان يدخر لعياله قوت سنة، والخاطئ الآثم، ولا يكون إلا عن عمد بخلاف الخطإ.