للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاقتصار على التلبية المرفوعة، وقد أثر عن بعض الصحابة الزيادة عليها، فمن ذلك زيادة ابن عمر: «لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك لبيك، والرغباء إليك والعمل»، وهي في الموطإ (٧٣٥)، وصحيح مسلم (١١٨٤) وسنن أبي داود (١٨١٢)، ومنها «لبيك ذا المعارج»، جاءت في حديث جابر عند أبي داود (١٨١٣)، وهو في صحيح مسلم، و «لبيك ذا الفواضل»، ذكرها الألباني في منسكه، ومما قيل إن عمر كان يزيده «لبيك ذا النعماء والفضل الحسن، لبيك لبيك، مرهوبا منك، ومرغوبا إليك»، وهذا ذكره أبو الحسن في شرحه، وهي في مصنف ابن أبي شيبة (١٣٦٢٨) مع تقديم وتأخير، فيظهر من هذا جواز الزيادة على التلبية المرفوعة متى ثبت ذلك عن الصحابي، إذا كان مما أقره النبي ، مع فصله عن المرفوع حتى لا يختلط به.

وقد كان للمشركين تلبية فيها شرك كما رواه مسلم (١١٨٥) عن ابن عباس قال: «كان المشركون يقولون: لبيك لا شريك لك، قال: فيقول رسول الله : «ويلكم!!، قد، قد»، فيقولون: «إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك»، يقولون هذا، وهم يطوفون بالبيت»، وقوله : «قد، قد» جاء بإسكان الدال وكسرها مع التنوين، ومعناه كفاكم هذا، فاقتصروا عليه، ولا تزيدوا ما بعده، وهو الذي ذكره الراوي بعد: «إلا شريكا هو لك … الخ، فسبحان الله ما أعظم عناية النبي بمقاومة الشرك!!، هكذا يقول وهووأصحابه مستضعفون، ويلكم قد قد!!، يعني كفى كفى، فالمستضعف لا يتخلى عما يمكنه فعله والزجر به عم الباطل، ومن ذلك أن النبي كان يقرأ عليهم من القرآن ما يزجرهم ويرهبهم، فقد قرأ على بعضهم قوله تعالى: «فإن أعرضوا فقد أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة هاد وثمود»، فأصيب بالفزع، حتى قال إنه لم يسمع منه غيرها.

والتلبية من واجبات الحج، فمن لم يلب عقب إحرامه وطال؛ لزمه هدي، ومن لبى أول الأمر ثم انقطع؛ فقد اختلف فيه، وما ذكره بعضهم من أن التلبية سنة؛ يريد به أنها من جملة أعمال الحج، ولا يريد به ما اصطلح عليه الفقهاء من معنى السنة.

ومعنى لبيك؛ إجابة بعد إجابة إلى ما لا نهاية له، قاله القسطلاني، أو إخلاصا لك بعد إخلاص، وقيل اتجاهي وقصدي إليك، وقيل محبتي، فهي مصادر مثناة، يراد بها التكثير

<<  <  ج: ص:  >  >>