للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرتب رميها، كمن ابتدأ بالجمرة الصغرى، كل ذلك فيه الهدي.

وحد منى من وادي محسر جهة المزدلفة إلى جمرة العقبة، ويليها المحصب، وقد رخص النبي للعباس في المبيت بمكة من أجل السقاية، كما جاء في حديث ابن عمر أن العباس استأذن رسول الله ليبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له»، رواه البخاري (١٧٤٥)، كما صح الترخيص في عدم المبيت للرعاة وهو في الموطإ (٩٢٩) عن أبي البداح بن عاصم بن عدي أخبره عن أبيه أن رسول الله أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى، يرمون يوم النحر، ثم يرمون يوم الغد، ومن بعد الغد ليومين، ثم يرْمُون يوم النفر، وعن ابن عباس قال: قال رسول : «الراعي يرمي بالليل، ويرعى بالنهار» رواه البيهقي، وهذا حيث يمكن.

والوقوف للدعاء مستقبلا القبلة إنما يكون عقب الجمرة الصغرى والوسطى، ولا يقف عند جمرة العقبة، ويشرع فيه رفع اليدين كما صح ذلك عن النبي ، ولم ير مالك رفع اليدين فيه، ولا في بقية المشاعر، فيكون دليلا على أن الحديث لم يبلغه، وهو مشعر بشدة حرصه على الاقتداء، ولأن العبادات الأصل فيها المنع وضيق نطاق القياس، فلم يأخذ بالمطلقات، ولا قاس بعضها على بعض، وقد ذكرته في كتابي المسمى (درء الشكوك عن أحكام التروك)، لكنه رؤي رافعا يديه في الاستسقاء، وقد جعل بطونهما إلى الأرض، وقال: إن كان الرفع؛ فهكذا»، انظر كفاية الطالب الرباني (٢/ ١٦٦).

وقوله ولينصرف؛ يعني لا يقف للدعاء، قال أبو الحسن: «يعني يمضي أمامه، ولا يرجع خلفه، لأنه يمنع الذي يأتي الرمي، قاله الخرشي»، وهذا الذي نبه عليه أهل العلم منذ قرون؛ ما زال بعض الحجاج يفعلونه، فتسقط بسببه عشرات الأنفس قتلى وجرحى، وقد أحدث أولو الأمر في السنوات الأخيرة ما يمنع الرجوع من الطريق الذي يذهب منه إلى الجمرات، ووسعوا المرمى، وجعلوه على هيئة مستطيل بحيث يرمي الحجاج من جهتين ويمضون بعد أن كان على شكل دائري يتواجه فيه الرماة من الحجاج وقد يقذف بعضهم

<<  <  ج: ص:  >  >>