للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته»، رواه مسلم وأصحاب السنن (د/ ٢٨١٥) عن شداد بن أوس ، والقتلة والذبحة هما بكسر القاف والذال؛ هيئة القتل والذبح، وليحد رباعي من أحد الشفرة إذا شحذها، واللام فيه للطلب، والمراد بالشفرة حد السكين من تسمية الشيء باسم جزئه، وليرح مضموم الياء من أراحه يريحه إذا جلب له الراحة، وفيه دليل على مطلوبية الإحسان في كل الأعمال، ومن ذلك إحسان قتل من وجب قتله، وقد ذكر هنا لمشابهته الذبح، فإن كل المخلوقات أحسن الله خلقها، ومن مفردات إحسان الذبح شحذ الشفرة ليتأتى إزهاق الروح في أقصر وقت، فيجتنب بذلك تعذيب الحيوان، وقد حكى ابن حزم الإجماع على وجوب الإحسان في الذبيحة، ومن الإحسان إراحة الذبيحة بسرعة الإجهاز عليها، وذلك بإمرار السكين عليها بقوة، ومن ذلك الإمهال بسلخها حتى تبرد، وعدم إظهار الشفرة للشاة، روى أحمد وابن ماجة (٣١٧٢) من حديث ابن عمر قال: «أمر رسول الله بحد الشفار، وأن توارى عن البهائم، وقال: إذا ذبح أحدكم فليجهز»، لكن في إسناد ابن ماجة ابن لهيعة، قال الشوكاني: «ويشهد له الحديث الذي قبله»، انتهى، يعني حديث شداد بن أوس في إحسان القتلة والذبحة، وقد قواه شعيب الأرناؤوط في كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب رحمهما الله، ومعنى فليجهز؛ فليسرع في الذبح، وروى الطبراني عن عكرمة عن ابن عباس قال: «مرّ رسول الله برجل واضع رجلَه على صفحة شاة، وهو يحد شفرته، وهي تلحظ إليه ببصرها، فقال: «أفلا قبل هذا؟، تريد أن تميتها موتات»؟، وهو في صحيح الترغيب، وهو في مصنف عبد الرزاق (٨٦٠٨) عن عكرمة مرسلا، ورُوي عن معاوية بن قرة عن أبيه أن رجلا قال للنبي : «يا رسول الله، إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها، فقال النبي : «والشاةُ إن رحمتها رحمك الله»، وروى عبد الرزاق عن ابن سيرين قال: «رأى عمر ابن الخطاب رجلا يسحب شاة برجلها ليذبحها، فقال له: ويلك، قدها إلى الموت قودا جميلا»!!.

وقال الإمام أحمد: «تقاد إلى الذبح قودا رفيقا، وتوارى السكين عنها، ولا تظهر السكين إلا عند الذبح، أمر رسول الله بذلك، أن توارى الشفار، وقال: ما أبهمت عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>