مثل ذبهم عن أنفسهم في ذلك كله،،،»، انتهى، وهذا هو الذي يعثر عليه الباحث في العهود التي كتبها الصحابة للبلدان التي صالحوا أهلها، وهي مبثوثة في كتب الخراج، وفتوح البلدان، وكتاب الأموال لأبي عبيد، وأحكام أهل الذمة لابن القيم، وانظر طرفا من تلك المعاهدات في نفسير المنار (١٠/ ٢٩٣)، بل في بعضها ما يدل على أن المسلمين كانوا متى عجزوا عن حماية دافعي الجزية ردوها عليهم أو لم يأخذوها منهم، وقرر ابن العربي في المسالك أنها تؤخذ لأجل ترك قتل الكافر، وهو الذي نسبه زروق لمالك جازما، وهذا لا ينافى الحماية لأنها مرتبة عليه، والذي يؤخذ من كلام خليل أنها في مقابل سكنى الكافر في بلاد الإسلام، فإنه قال معرفا لها:«عقد الجزية؛ إذن الإمام لكافر صح سباؤه مكلف حر قادر مخالط لم يعتقه مسلم؛ سكنى غير مكة والمدينة واليمن ولهم الاجتياز بمال،،،»، لكن هذا قد يسكت عن التعليل به إذا كانت الدار دار الإسلام، فما ذا عن الجزية تفرض على الكفار المعاهدين مع بقائهم في ديارهم، وقد رد ابن القيم هذا التعليل من عدة وجوه تراها في كتابه أحكام أهل الذمة (١/ ٣٦)، وقال الباجي في المنتقى (٢/ ١٧٤): «وذلك أن الجزية إنما تؤخذ منهم على وجه العوض لإقامتهم في بلاد المسلمين، والذب عنهم، والحماية لهم،،،»، انتهى، ومن أسلم منهم قبل حلول أجل الدفع تقررت الجزية في ذمته عند الشافعية لأن العلة عندهم السكنى، وأهل المذهب يسقطونها بالإسلام، ولو بيوم قبل أجلها.
والمذهب أن لقب أهل الكتاب في الآية لا يؤخذ بمفهومه، فليس شرطا في الكف عن الكفار بقبولهم إعطاء الجزية أن يكونوا أهل كتاب، كما اتفق المسلمون على أن من آمن منهم بالله واليوم الآخر وحرم ما هو محرم وحلل ما هو محلل في كتبهم لا يجعله ذلك في منجاة من المقاتلة ودفع الجزية، والمقصود أن جميع الكفار يقررون بالجزية على دينهم إلا من كان منهم في الجزيرة العربية، ويؤيد هذا عموم قوله ﷺ في حديث بريدة المتقدم:«قاتلوا من كفر بالله»، لكن لقب أهل الكتاب مأخوذ بمفهومه بمعية غيره من الأدلة في تحريم ذبائح غير أهل الكتاب، وتزوج غير نسائهم، وأصل المسألة هل يصدق لقب أهل الكتاب على كل من تبين أن له كتابا، أو هو خاص بمن اشتهر بذلك في زمن التنزيل وليس