إلا اليهود والنصارى كما دل عليه قول الله تعالى: ﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦)﴾ [الأنعام: ١٥٦]، وبدليل أن النبي ﷺ قال عن المجوس: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب، رواه مالك (٦١٨) عن عبد الرحمن بن عوف، فألحقهم بهم، ولم يقل هم من أهل الكتاب، وهذا هو المتبادر لو كانوا كذلك، وقي صحيح البخاري عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي ﷺ أخذ الجزية من مجوس هجر»، بخلاف من فهم من اللفظ الأول أن المجوس من أهل الكتاب كابن حزم وغيره، وإذا كانوا ليسوا أهل كتاب؛ فالقياس يقضي بإلحاق كل المشركين كيفما كانت مللهم بهم، وهذا هو الذي يتيسر الأخذ به وتسهل إقامته في الواقع في هذا العصر، وقد ورد أن عمر أخذها من مجوس فارس، وأن عثمان أخذها من البربر، وليسوا أهل كتاب، ذكرهما مالك في الموطإ (٦١٧) بلاغا.
وقال ابن حزم ﵀ في المحلى (٧/ ٣١٧): «ولا يقبل من يهودي ولا نصراني ولا مجوسي جزية إلا بأن يقروا بأن محمدا رسول الله إلينا، وأن لا يطعنوا فيه، ولا في شيء من دين الإسلام، لحديث ثوبان الذي ذكرناه آنفا، ولقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ (١٢)﴾ [التوبة: ١٢]، وهو قول مالك، قال في المستخرجة «من قال من أهل الذمة إنما أرسل محمد إليكم لا إلينا؛ فلا شيء عليه، قال: فإن قال: لم يكن نبيا قتل»، وقد قال خليل عن نواقض عهد الذمة:«وينتقض بقتال ومنع جزية، وتمرد على الأحكام،،، وسب نبي بما لم يكفر به، قالوا: كليس بنبي، أو لم يرسل، أو لم ينزل عليه قرآن، أو تَقَوَّلَهُ، أو عيسى خلق محمدا،،، وقُتل إن لم يسلم».