﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة: ٤٠]، وقال: ﴿وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ [البقرة: ٤١]، والتقوى تتضمن الخوف، وقال عن أنبيائه ورسله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [الأنبياء: ٩٠]، والنصوص في هذا المعنى كتابا وسنة لا تخفى على عوام المسلمين فضلا عن غيرهم
أما تفضيل لفظ العبودية على العبادة، فإن كان بسبب التركيب؛ فلا ضير، لأن المعروف في العربية أن الأوصاف التي تلحقها ياء النسب؛ يقصد بها المبالغة في الوصفية، وذلك لأنها اجتمع فيها طريقان في التوصيف، وهي على كل حال من المصادر الصناعية، وما اختاره الله خير، وقد تقدم قول الراغب الذي يرى لفظ العبادة أقوى في المقصود.
ومما يعين على الإدراك الجيد لمعنى العبادة أن تقرأ هذه الفقرة لبعض أهل العلم، قال: «إن الله تعالى إنما شرع الدين لأمرين أصليين:
- أحدهما: تصفية الأرواح وتخليص العقول من شوائب الاعتقاد بالسلطة الغيبية للمخلوقات، وقدرتها على التصرف في الكائنات، لتسلم من الخضوع والعبودية لمن هم أمثالها، أو لما هو دونها في استعدادها وكماله.
- وثانيهما: إصلاح القلوب بحسن القصد في جميع الأعمال، بإخلاص النية لله و (للناس؟)، فمتى حصل هذان الأمران انطلقت الفطرة من قيودها العائقة لها عن بلوغ كمالها، وهذان الأمران هما روح المراد من كلمة الإسلام، وأما العبادات فإنما شرعت لتربية هذا الروح الأمري في الروح الخلقي،،،»، انتهى، والتعبير بإخلاص النية للناس فيه شيء (١).
والتذلل والحب من الأعمال القلبية التي هي أصل الدين وقوامه، أما العبادات الظاهرة على الجوارح كالسجود والركوع والطواف والإنفاق والأذكار ونحوها، فإن روحها هو الشعور بسلطان الله تعالى على الإنسان، وهو غيب وراء الأسباب العامة التي في مقدور الناس، كما أن لبها تلك المحبة والتذلل والخشوع والخضوع، فإذا فقد ذلك لم