للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٥٥ - «والأقراء هي الأطهار».

ذكر هذا هنا ليبين أمد امتلاك المطلق العصمة، وسيتحدث عن أنواع العدة في باب خاص، ولا بأس ان نعجل هنا ما حقه التأخير، فنقول يحرم على المطلقة إن كانت ممن تحيض أن تتزوج حتى يمضي على طلاقها ثلاثة قروء، لقول الله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾، وهذا أمر جاء في صورة الخبر تأكيدا له، ولأن الفطر السليمة لا تستسيغ مخالفته، حتى كأنه امتثل والتزم، نظير قوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾، والأقراء جمع قلة لقرء بفتح القاف وضمها، ويجمع جمع كثرة على قروء، وهو من الأضداد، يطلق على الحيض والطهر كما في الصحاح، وقيل هو للانتقال من الحيض إلى الطهر، أو من الطهر إلى الحيض، قال الشيخ الطاهر بن عاشور: وأحسب أن أشهر معاني القرء عند العرب هو الطهر، ولذلك ورد في حديث ابن عمر،،، وذكر الحديث المتقدم.

وقد اختلف العلماء في المراد من القرء في الآية: هل هو الطهر أو الحيض؟، ومن أدلة القائلين بأنه الطهر قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾ [الطلاق: ١] فسره قول النبي : «فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء»، لكن يلزم على هذا القول أن لا تتم الثلاثة فيكون مجازا، كأن يطلقها في آخر الطهر، والأصل الحقيقة، لأن المرأة تنتهي عدتها بأول الحيض بعد الطهر الثالث، لكنه استعمال سائغ في العربية، كما في قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾، [البقرة: ١٩٧] غير أنه موضع اختلاف فلا يصح الاحتجاج به، وثمرة الخلاف أنه على القول الأول تكون مدة العدة أقل منها على القول الثاني، ففيه تخفيف عن المرأة، يقابله تضييق في المهلة المعطاة للزوج، والثاني فيه عكس ذلك، إذ لا تنقضي العدة إلا بعد انقضاء الطهر من الحيضة

<<  <  ج: ص:  >  >>