وروى أبو داود من طريق مالك عن ابن عمر ﵄ قال:«عدة المختلعة حيضة»، وجه الدلالة منه أن المطلقة عدتها ثلاثة قروء، لكن جاء في حديث ابن عباس المتقدم؛ أمره ﷺ لثابت بن قيس بتطليق امرأته تطليقة، وهو في صحيح البخاري (٥٢٧٣)، وروى مالك (١١٩٠) ومن طريقه أبو داود (٢٢٢٧) والنسائي (٦/ ١٦٩) من حديث حبيبة بنت سهل الأنصارية، وهي صاحبة القصة، وفيه قوله ﷺ لثابت:«خذ منها»، فأخذ منها، وجلست في أهلها»، وفي حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- قوله له:«خذهما ففارقها»، ففعل، رواه أبو داود (٢٢٢٨)، والمراد الحديقتين، فالذي يظهر تقديم ما دلت عليه هذه الألفاظ من أن الفراق يكون بالمواطأة على الخلع، لاسيما وقد جاءت من كلام صاحبة القصة، وهو مما يرجح به عند تعارض الأخبار، وتعتد المختلعة بحيضة، وبذلك يجتنب التلفيق بين كون الخلع طلاقا كما دلت عليه رواية البخاري، وبين اعتداد المختلعة بحيضة كما هو في حديث ابن عباس عند أبي داود والترمذي، لأن ذلك مخالف لما دل عليه العموم في كتاب الله، وهو كون عدة المطلقة ثلاثة قروء، والعلم عند الله.
وتظهر ثمرة الاختلاف في كون الخلع طلاقا أو لا فيما لو تزوج الرجل من اختلعت منه؛ فعلى أنه طلاق؛ يحسب ذلك عليه، وعليها العدة، ولا يخالعها إلا في حالة الطهر، وعلى القول بأنه فسخ؛ لا يحسب عليه طلاق، وتستبرئ بحيضة، ويجوز له أن يخالعها في زمن الحيض، إذ لا تطول عدتها.