للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وقيل العلة هي غلبة الثمنية، ومعناه أن الحكم للغالب، والغلبة كانت للذهب والفضة، وهذا قول في المذهب، تجده في شرح أبي الحسن على الرسالة، وقواه الشيخ علي الصعيدي العدوي في حاشيته على شرح الخرشي، لأنه رجح أن مالكا لم يمنع بيع الفلوس بالنقدين نسيئة منع تحريم، فقال: «إلا أن جل قول مالك فيها الكراهة للتوسط بين الدليل، وهي محمولة على بابها، لا على الحرمة عند الجمهور»، انتهى، وإلى هذا جنح القاضي عبد الوهاب في كتابه التلقين ص (٣٨٠) إذ قال: «والتفاضل في الفلوس إذا حصل التعامل بها ممنوع، وهو في الحقيقة منع كراهة، لا نص تحريم»، انتهى، وقد ظن بعض الباحثين أنه اكتشف جديدا حين وجد مالكا يقول عن الناس لو اتخذوا أثمانا للأشياء وأقروها كانت كذلك، وأخذ من هذا أنه يرى علة الربا في النقدين مطلق الثمنية، والأمر كما علمت نقله غير واحد من أهل المذهب، فلا يحتاج إلى تكلف تخريجه على قوله المذكور، وإذا اتجهت نسبة القول لمالك بكراهة بيع الفلوس بالذهب والفضة نسيئة كان معنى هذا أنه يرى أن العلة هي غلبة الثمنية لا مطلقها، فتخرج على هذا التعليل الفلوس عند المتقدمين، فلا يدخلها الربا، لأن غلبة الثمنية في وقتهم كانت للذهب والفضة.

واعلم أن التعليل بغلبة الثمنية هو الذي ينسجم مع ما ذهب إليه بعضهم من أن الفلوس كانت موجودة في عهد النبي ، فلو كانت ربوية لنهى عن بيعها بالذهب والفضة نساء، فينتقض التعليل بمطلق الثمنية، وقد استدل بعضهم على وجودها بقول النبي : «أتدرون من المفلس … الحديث رواه الترمذي عن أبي هريرة، قالوا المفلس هو من صارت أمواله فلوسا.

٣ - ومن الخاص بالأجناس الأربعة الأخرى الاقتيات والادخار، وأضاف بعضهم لذلك ما يصلح به الطعام حيث اعتبروا القمح والشعير والتمر إشارة إلى الاقتيات والادخار، والملح إشارة لمصلح الطعام، قال ابن حزم في الحلى: «وهذه أفسد العلل التي ذكروا، وإن كانت كلها فاسدة واضحة البرهان».

٤ - العلة في المطعومات ليست واحدة، فمنها الاقتيات والادخار قياسا على القمح والشعير، ومنها الحلاوة والادخار كالزبيب والتين والعسل قياسا على التمر، ومنها التأدم

<<  <  ج: ص:  >  >>