للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبيعات التي ليس القبض من شروط صحة بيعها كالعبيد والعروض وغيرها مما لا يكال أو يوزن إذا كانت متعينة ومتميزة ليس فيها حق توفية، فضمانها من المشتري قبل القبض»، هكذا قال القاضي عبد الوهاب في كتابه الإشراف (٢/ ٥٥٣)، وانظر المعونة (٢/ ٩٧٣) له، والفواكه الدواني للنفراوي (٢/ ١٤١)، ويريدون بالتوفية أن تحتاج إلى كيل ما يكال، أو وزن ما يوزن.

ومما يستثنى من ضمان المشتري بمجرد العقد أن يحبس البائع المبيع لأجل الثمن، وهو كثير عند الذين يشترون الأضاحي عندنا، ومثله ما إذا حبس المبيع لأجل الإشهاد، ويمثل له اليوم بعدم توثيق بيع السيارة ونحوها، بحيث تبقى عند بائعها، وقد يدخل هذا في بيع الكالئ بالكالئ، وكذلك المبيع غائبا على الصفة، أو بناء على رؤية سابقة على العقد، وسبق لك أن علمت أن الضمان في زمن المواضعة على البائع.

لكن لما كان البيع الفاسد لفقد شرط أو وجود مانع لا ينقل الملك، وإنما يفيد شبهته كان الضمان فيه على بائعه ما لم يقبضه المشتري قبضا مستمرا بأن لم يرده إلى البائع على وجه الأمانة، فإن قبضه قبضا دائما كان عليه ضمانه من وقت قبضه، لأنه قبضه للتملك، وإن لم يكن صحيحا في نفسه، فإن لم يقبضه فلا ضمان عليه وإن مكنه البائع من القبض نظرا لعلة فساده، ومعنى ضمان المشتري أنه يرده إن لم يفت، ومعنى فواته اتصاله بما يقرر آثاره عندهم، وقد أشار مالك في الموطإ في باب (العيب في الرقيق) إلى بعض المفوتات فذكر حمل الوليدة، والعتق، ثم قال: «وكل أمر دخله الفوت حتى لا يستطاع رده،،،»، انتهى، وقد ذكروا من أسباب الفوات أن بياع، أو يوهب، أو يعتق، أو يرهن، أو يعطي صداقا، أو تتغير سوقه برخص أو غلاء، أو ذاته بسمَن أو هزال ونحوهما، فإذا حصل واحد من هذه الأمور أعطى بائعه قيمته إن كان البيع متفقا على فساده، وثمنه إن كان مختلفا في فساده، وحكمهم بالثمن هو إمضاء للبيع نظرا للاختلاف، والتقويم يكون يوم قبضه لا يوم فواته، ولا يوم العقد عليه، هذا هو المشهور، ولا يجبر على رد ذاته ولو كان موجودا، وحيث تعين إعطاء القيمة فإن المشتري يقاص بها البائع من ثمن الشراء، ويشتركان في أجرة الذي قام بالتقويم، وفي الفوات بحوالة الأسواق قول آخر أشار إليه ابن عبد البر في الكافي

<<  <  ج: ص:  >  >>