إجارة بعوض مجهول، والناس من عادتهم أن يشتروا من أملياء السوق فيحصل لهم التدليس.
وأما شركة الذمم فقد جعلها بعضهم صورة من شركة الوجوه، وهي أن يتفقا على شراء شيء من غير تعيينه ليبيعاه ويكونان شريكين فيه على ذمتهما يعني من غير مال، فهذه الشركة فاسدة على المشهور سواء اشتراه أحدهما أو اشترياه معا، ووجه الفساد أنها من باب تَحَمَّلْ عَنِّي وأَتَحَمَّلُ عنك، وأسلفني وأسلفك، فيدخل في باب الضمان بالجعل، وفي السلف الذي يجر نفعا، أما لو اتفقا على شراء شيء بعينه ويكون ثمنه في ذمتهما فإنه جائز.
وتنقسم الشركة باعتبار ما لكل من الشريكين من التصرف في المشترك فيه - ويتضح كما ينبغي في شركة الأموال - إلى أربعة أنواع مفاوضة، وعنان، وجبر، ومضاربة.
فشركة المفاوضة أن يفوض كل من الشريكين للآخر التصرف فيما اشتركا فيه أو في نوع منه أو أنواع بالبيع والشراء والكراء والإقالة في غيبته وحضوره، كما يجوز له الهبة لجلب المتعاملين إلى الشركة واستئلافهم، ويصح أن يهب الشيء اليسير لغير الاستئلاف.
وشركة العنان أن يشترط كل من الشريكين على الآخر أن لا يستبد في التصرف بشيء إلا بإذنه وموافقته، مأخوذة من عنان الدابة الذي يوجهها ويضبط سيرها.
وقد حد النفراوي شركة الجبر بقوله:«استحقاق شخص الدخول مع مشتر سلعة لنفسه من سوقها المعد لها على وجه مخصوص»، انتهى، فمن اشترى سلعة من سوقها ليبيعها لا ليقتنيها ولا ليسافر بها، وكان غيره من التجار حاضرا لشرائها وهو ساكت، فإن أراد ذلك الحاضر الدخول في تلك السلعة شريكا فإنه يجاب إلى ذلك، ويجبر المشتري على إدخاله رفقا بأهل السوق، بخلاف ما لو اشتراها في غيبته أو زايده فيها فلا يجبر، وعللوا الجبر على الاشتراك بأنه تَرَك المزايدة عليه فانتفع بذلك، وقد يكون لهم متمسك فيما علقه البخاري بصيغة التمريض، وهو في سنن سعيد بن منصور أن عمر أبصر رجلا يساوم سلعة وعنده رجل فغمزه حتى اشتراها فرأى عمر أنه شركة»، وانظر الفتح (٥/ ١٦٧)، وللمشتري أيضا أن يجبر ذلك الحاضر على الاشتراك معه إذا رأى ذلك، ولا أحسب أن لهذا القول دليلا لافتقاده أهم عنصر في التجارة وهو التراضي، ولأن الحاضر إذا