للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترك ما أبيح له من المزايدة والمساومة قبل التراكن فكيف يقال إن له الاشتراك في المبيع؟، على أنك قد علمت من قبل في الفقرة (٧٣) من هذا الباب أن ترك السوم وقت مساومة الغير هو المطلوب، فكيف يقال إنه مباح ثم يرتب على تركه حق في الشركة جبرا؟، والله أعلم.

واقتصر المؤلف على ذكر الجائز فيما يكون فيه الاشتراك، وابتدأ بشركة الأبدان، وتسمى شركة الأعمال أيضا، ووجه تسميتها بذلك عدم توقفها على المال غالبا، فلم يبق إلا عمل البدن، وهي مختلف في جوازها، وعمدة المجوزين من النقل حديث أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: «اشتركنا أنا وسعد وعمار فيما نصيب يوم بدر، قال: فجاء سعد بأسيرين، ولم أجئ أنا وعمار بشيء»، رواه أبو داود (٣٣٨٨) والنسائي وابن ماجة، وهو ضعيف لانقطاعه بين أبي عبيدة وأبيه عبد الله بن مسعود، فإنه لم يسمع منه، لكن حيث كان الأصل في المعاملات الجواز، وتحقق في شركة الأعمال التراضي الذي لا بد منه في التجارة، وحيث إن الله تعالى يقول: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾، والشركة داخلة فيه فإذا خلا هذا النوع من الغرر فإنه يجوز، وقد استدل القرطبي القنازعي في تفسيره للموطإ (٢/ ٥٨٥) بقول الله تعالى: «واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه … الآية على جواز شركة الأبدان.

وقد اشترطوا فيها أن يكون عملهما واحدا أو متقاربا، وأن يتساويا في العمل أو يتقاربا، وأن يكون الغرض من الشركة التعاون، وأن تكون الآلة بينهما بشراء أو كراء، أما موضع العمل فالظاهر عدم اشتراطه، قال خليل: «وجازت بالعمل إن اتحد أو تلازم، وتساويا فيه أو تقاربا، وحصل التعاون وإن بمكانين»، انتهى، فمثال اتحاد العمل كخياطين وحلاقين، لا كخياط وحداد، لما في ذلك من الغرر، ومعنى التلازم التكامل الذي يكون في الصنعة الواحدة بأن يتوقف وجود عمل أحدهما على وجود عمل الآخر، كأن يتولى أحدهما نشر الخشب على مقاييس معينة، ويتولى الآخر تركيبه أبوابا ونوافذ، أو يتولى هذا تركيب قطع غيار السيارة والآخر يركب هيكلها، أو يعد هذا الجلد على مقاسات الأحذية، ويقوم الثاني بربطها على القوالب، ويكمل الثالث الباقي، فأما التساوي في العمل فأن يأخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>