للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ﴾ [فاطر: ٣٧] وقوله تعالى: ﴿قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (٥٠)[غافر: ٥٠].

وقالت طائفة أخرى بل هم مؤاخذون لعموم الأدلة القاضية بدخول كل من مات على الكفر النار، كقوله تعالى فيمن لا تقبل توبته: ﴿وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾ [النساء: ١٨]، وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ [البينة: ٦]، إلى نصوص أخرى قرآنية، وأحاديث عدة في أفراد معينين من أهل الفترة، أخبر النبي بدخولهم النار، وفي الصحيح منها شيء، ولكون أخبار الرسل لم تنقطع.

قال النووي في شرح حديث أنس الذي فيه قول النبي : «إن أبي وأباك في النار» (١)، قال: «فيه أن من مات على الكفر فهو في النار، ولا تنفعه قرابة المقربين، وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم»، انتهى.

قلت: كثير من الأحكام الشرعية الفرعية التي جاء بها الأنبياء قد علمها الناس وتناقلوها فكيف ينقطع خبر أهم ما جاءوا به وهو توحيد الله تعالى، ومن ذلك وضع اليمين على الشمال في الصلاة، والاستيناء بالسحور، وإذا لم تستح فاصنع ما شئت، ومن ذلك أن الناس كانوا يعلمون أن نبيا سيبعث واسمه محمد وقد تسمى باسمه خلق قبل البعثة أحصى الحافظ ابن حجر منهم خمسة عشر، فضلا عن النصوص التي فيها الإخبار عن بعض من كانوا قبل الإسلام أنهم في النار كعمرو بن لحي وغيره، وقال النبي : «إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب» (٢)، والله تعالى لا يمقت من لم يخالف الحق، ولا يعتبر مخالفا للحق من لم يعلمه، فإن العلم شرط في التكليف، والله أعلم.


(١) رواه مسلم (٢٠٣).
(٢) رواه مسلم عن عياض بن حمار.

<<  <  ج: ص:  >  >>