للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسعين جزءا منه للمؤمنين يوم القيامة، فعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: «جعل الله الرحمة في مائة جزء، فأمسك عنده تسعة تسعين جزءا، وأنزل في الأرض جزءا واحدا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق، حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه» (١)، وجاء ما يدل على أن الله تعالى يكمل لأوليائه مائة رحمة يوم القيامة، كما في قوله : «إن لله مائة رحمة قسم رحمة بين أهل الدنيا وسعتهم إلى آجالهم، وأخر تسعا وتسعين رحمة لأوليائه، وإن الله قابض تلك الرحمة التي قسمها بين أهل الدنيا إلى التسع والتسعين، فيكملها مائة رحمة لأوليائه يوم القيامة «.

٢ - والأصل في الجزاء على الأعمال أن يقع في الآخرة، لكن يقع بعضه في الدنيا تعجيلا من الله تعالى العقوبة لعبده، وقد يكون ذلك من أسباب رجوعه إلى الحق، وقد يكون ذلك على المعاصي، أو على مخالفة سننه تعالى في خلقه، والأول من رحمته به وإحسانه إليه، كما فسر به قوله تعالى: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء: ١٢٣]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)

[الشورى: ٣٠].

٣ - وقد عامل الله تعالى عباده بفضله إذا عملوا الحسنات، كما عاملهم بعدله إذا عملوا السيئات:

- فإن من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة.

- ومن عمل حسنة كتب له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، قال الله تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا﴾ [النمل: ٨٩]، وقال تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠]، وهذا فيه بيان لذلك الخير، وقال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٦١] وهذا أعظم مما سبق، وهو وإن كان في صدقات المال فقد دل حديث ابن عباس الذي في الصحيحين على عمومه في الحسنات، وسيأتي ذكره.


(١) متفق عليه: البخاري (٦٠٠٠)، ومسلم (٣٧٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>