سيرين إلى أن الأم تأخذ ثلث المال كله في مسألة الزوجة، أما في مسألة الزوج فتأخذ ثلث الباقي فرارا من أن تأخذ أكثر من الأب، وهو قول مركب من القولين ومحاولة من قائله للجمع بينهما، قال ابن المنذر:«وهذا قول لا نعلم أحدا قال به»، انتهى، وميراث الأم في هاتين الصورتين مما يُعَايَى به أي يُلْغَز، فيقال: امرأة ورثت الربع بالفرض من غير عول ولا رد وليست بزوجة»، ومعنى الرد أن يتوفى المرء عن صاحب فرض واحد أو متعدد ولا عاصب له، ويبقى من التركة شيء، فيعطى أصحاب الفروض فروضهم، ويُرد الباقي عليهم خلا الزوج والزوجة فلا يرد عليهما، ومثال الرد أن يتوفى عن بنت تأخذ النصف فرضا والنصف الآخر ردا، وليس في المذهب الرد.
قال بعض أهل العلم في توجيه تقديم الزوجين على الأبوين في الميراث:«إن حق الأزواج في الأموال والنفقات آكد من حق الوالدين، وإن كانا أشرف وأجدر من الزوج بالاحترام، ذلك أن الوالدين يكونان عند زواج الولد عريقين في الاستقلال بأنفسهما في المعيشة من جهة، وأقل حاجة إلى المال من الأولاد وأزواجهم الذين أو اللواتي في سنهم غالبا لانصرام أكثر أعمارهما، ولأنهما إذا احتاجا إلى مال الأولاد كان ذلك على مجموع أولادهما، وأما الزوجان فإنهما يعيشان مجتمعين كل منهما متمم لوجود الآخر حتى كأنه نصف ماهيته، ويكون ذلك بانفصال كل منهما عن والديه لاتصاله بالآخر، فبهذا كانت حقوق المعيشة بينهما آكد، ولهذا تقرر في الشريعة أن يكون حق المرأة على الرجل في النفقة هو الحق الأول، فإذا لم يجد إلا رغيفين وسد رمقه بأحدهما وجب عليه أن يجعل الثاني لامرأته، لا لأحد أبويه، ولا لغيرهما من أقاربه، فصلة الزوجية أشد وأقوى صلة حيوية اجتماعية حتى إن صلة البنوة فرع منها، وإن كان حق الأولاد أقوى من جهة أخرى»، انتهى.