أن تصحيحه معلوم بالتساهل فلا يكون حجة، والله أعلم»، انتهى، وقد حقق الشيخ ابن يوسف العمري رسالة للشيخ زروق في مصطلح الحديث فجزاه الله خيرا، ويفضل المسجد الأقصى رده الله على المسلمين غيره فهو يلي في الفضل مسجد رسول الله ﷺ، روى البزار وحسنه والطبراني من حديث أبي الدرداء مرفوعا:«الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة».
وقد أخذ بعض أهل العلم من الإشارة في قوله ﷺ:«صلاة في مسجدي هذا»؛ أن المضاعفة المذكورة تخص مساحة المسجد التي كانت على عهده ﷺ، ولا تشمل ما زيد فيه بعد ذلك في مختلف العصور، قال النووي ﵀:«ينبغي أن يحرص المصلي على الصلاة في الموضع الذي كان في زمانه ﷺ، دون ما زيد فيه من بعده، لأن التضعيف إنما ورد في مسجده، وقد أكده بقوله هذا، بخلاف مسجد مكة، فإنه يشمل جميع مكة، قال الحافظ في الفتح بعد ذكره: «بل صحح النووي أنه يشمل جميع الحرم»، انتهى.
قلت: دليل ما ذكر بخصوص الحرم عند من قال به أن النبي ﷺ كان في بيت أم هانئ ليلة أسري به ففقدته من الليل فقال إن جبريل أتاني، وهو عند الطبراني عنها، فلما قال الله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١)﴾ [الإسراء: ١]، اعتبروا بيتها من جملة المسجد الحرام، وفي صحيح البخاري من حديث مالك بن صعصعة أن نبي الله ﷺ حدثه عن ليلة أسري به قال:«بينا أنا في الحطيم، وربما قال في الحجر مضطجعا،،» الحديث بطوله، وجاء أنه أسري به من شعب أبي طالب، وقد جمع الحافظ بين هذه الروايات ذات المخرج الواحد بما يجعل مبدأ الإسراء من المسجد، وفوق ذلك فقد ينازع الموسعون فيما ذهبوا إليه بأن كلمة المسجد إنما تعني موضع السجود، وليست مكة كلها موضع السجود بهذا المعنى، وإلا فإن الأرض كذلك في هذه الشريعة تفضيلا لهذه الأمة المرحومة، ولأن المسجد الحرام قبل البعثة وبعدها إلى عهد عمر ابن الخطاب لم يكن محاطا بجدار ولا محدد المساحة، فالمراد به ما حول الكعبة ولا أدري موقع بيت أم هانئ الآن.