للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن لفظ المسجد الحرم الذي في كتاب الله على أقسام ثلاثة، منه ما هو شامل لمكة في حدود الحرم، ومنه ما هو خاص بالمسجد نفسه، ومنه ما هو محتمل، وما نحن فيه من الثاني، وقد بينت هذا في غير هذا الموضع، والله أعلم.

أما عن مسجد رسول الله فإن الدلالة ليست بالواضحة على أن المزيد لا يعطى حكم المزيد عليه في الفضل، فإن المسجد منسوب إلى النبي ، وتوسعته من هديه، وهو مما شرعه الله لعباده، فكيف لا يعطى في الفضل حكم ما كان في وقته؟، أما الإشارة في قوله : «صلاة في مسجدي هذا»؛ فيحتمل أن يكون المراد منها إخراج مسجد قباء مثلا، فإنه بناه قبل دخوله المدينة، حتى حمل بعض أهل العلم آية سورة التوبة عليه، أعني قوله تعالى: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ (١٠٨)[التوبة: ١٠٨]، وهذا هو الظاهر بمعية السياق كما قال ابن كثير، وقد بناه النبي قبل استقراره بالمدينة، وكان النبي يزوره كل أسبوع راكبا وماشيا، فيصلي فيه، وأخبر أن من أتاه وصلى فيه كان كعمرة، وجاء أن جبريل هو الذي عين له قبلته، وقال بعض أهل العلم بإلحاقه بشد الرحال بالمساجد الثلاثة، فلو قال «صلاة في مسجدي»، واكتفى بذلك لاحتمل أن يدخل مسجد قباء لهذه الخصوصية التي كانت له، فإن المفرد المضاف يعم، والعموم أقله اثنان فيشملهما، فلا تضيقوا ماوسع الله من معنى مسجد النبي ، ولا توسعوا ما ضيق الله من معنى المسجد الحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>