للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكة، واختاره ابن عبد السلام، وتوقف فيه الباجي، وقال ابن عبد البر: «وقد استدل أصحابنا على أن المدينة أفضل من مكة بهذا الحديث، وركبوا عليه قوله : «موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها»، وهذا لا دليل فيه على شيء مما ذهبوا إليه، لأن قوله هذا أراد به ذم الدنيا والزهد فيها، والترغيب في الآخرة، وإني لأعجب ممن يترك قول رسول الله وقد وقف على الحزورة وقيل على الحجون، وقال «والله إني أعلم أنك خير أرض الله، وأحبها إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت»،،،، فكيف يترك مثل هذا النص الثابت ويمال إلى تأويل لا يجامع متأوله عليه»، انتهى بتصرف.

ومما له صلة بهذا تفضيل موضع قبره على غيره من المواضع، وشراح المصنفات كثيرا ما يذكرون أن التربة التي دفن فيها النبي أفضل البقاع مطلقا، قال زروق بعد أن بين الاختلاف في تفضيل المدينة على مكة: «بعد إجماعهم على أن موضع قبره أفضل بقاع الأرض»، انتهى، وقال أبو الحسن: «واستثنوا من الخلاف قبر سيدنا محمد فإنه أفضل البقاع حتى على الكعبة بإجماع»، انتهى، ولعل من قال ذلك منهم اعتمد على ما ذهب إليه القاضي عياض معتبرا إياه إجماعا، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: «هو قول لم يسبقه إليه أحد فيما علمناه، ولا حجة عليه، بل بدن النبي أفضل من المساجد، وأما ما منه خلق، أو ما فيه دفن فلا يلزم إذا كان هو أفضل أن يكون ما منه خلق أفضل،،،»، انتهى المراد منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>