الأقوال والأفعال، والمراد هنا الأول، والغيبة بكسر الغين هي ذكرك أخاك بما يكره، بذلك فسرها رسول الله ﷺ في الحديث الذي رواه أبو داود عن أبي هريرة، وإنما تكون كذلك إذا كان المتكلم فيه غائبا، كما جاء ذلك في حديث المطلب بن عبد الله بن حنطب مرفوعا:«الغيبة أن تذكر الرجل بما فيه من خلفه»، رواه الخرائطي في مساوئ الأخلاق كما في صحيح الجامع، ورواه مالك عنه أن رجلا سأل النبي ﷺ ما الغيبة؟، فقال رسول الله ﷺ:«أن تذكر من المرء ما يكره أن يسمع»، قال:«يا رسول الله، وإن كان حقا»؟، قال رسول الله ﷺ:«إذا قلت باطلا فذلك البهتان»، وقال الله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا (١٢)﴾ [الحُجُرات: ١٢]، أما أن يُجْبَهَ المسلم بالذم في حضرته فإنه السباب والشتم، وقد قال فيه رسول الله ﷺ:«سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر»، رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي عن ابن مسعود، وزاد الطبراني:«وحرمة ماله كحرمة دمه».
والنميمة هي نقل الأخبار على وجه الإفساد بين الناس، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١)﴾ [القلم: ١٠ - ١١]، وقال النبي ﷺ:«لا يدخل الجنة قتات»، رواه الشيخان وغيرهما، والقتات هو النمام كما في بعض الروايات، والباطل أعم من ذلك كله كسب المسلم وشتمه والاستهزاء به، والسخرية منه، وقذفه، وقد روى مالك في الموطإ عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه فقال له عمر: مه، فقال أبو بكر:«إن هذا أوردني الموارد»، وقال مالك: بلغني أن عائشة زوج النبي ﷺ كانت ترسل إلى بعض أهلها بعد العتمة فتقول: ألا تريحون الكُتَّابَ»؟، وروى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن معاوية بن حيدة ﵁ قال، قال رسول الله ﷺ:«ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له ويل له».
وبعد فليعلم المؤمن أن كل ما ينطق به مدون مكتوب فلينظر في أمره، وليحتط لنفسه، وليجتهد في أن لا ينطق إلا بخير، وهو ما وجب عليه، أو استحب له، أو أبيح، قال الله تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨)﴾ [ق: ١٨]، وقال سبحانه: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٨٠)﴾ [الزُّخرُف: ٨٠]، وقال أيضا: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ