للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢)[الانفطار: ١٠ - ١١ - ١٢]، وقال سبحانه: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (١١٤)[النساء: ١١٤]، وقال سبحانه: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (٣٨)[النبأ: ٣٨]، وقال سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩)[المجادلة: ٩]، والإثم هو اسم لكل فعل مبطئ عما فيه الثواب، وبهذا تظهر مقابلته للبر الذي هو التوسع في فعل الخير بالأمر به والنهي عن ضده في سورة المائدة، والعدوان هو الإخلال بالعدل، وبهذا يظهر وجه المقابلة بينه وبين التقوى التي تعني توقي المنهي عنه من غير فرق بين كونه ينال المسلم أو الكافر الذمي أو المستأمن كما يعلم ذلك من سياق قوله تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢)[المائدة: ٢].

وقد استدل المؤلف على ما ذكره من الأحكام بحديثين أولهما هو قول النبي : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت»، رواه أحمد والشيخان والنسائي عن أبي هريرة، والحديث الثاني هو قول النبي : «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، رواه الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة ، ورواه الترمذي وأحمد والطبراني عن الحسين بن علي ، ورواه مالك عن علي بن الحسن مرسلا في باب ما جاء في حسن الخلق من موطئه، وهو من جوامع كلمه ، وما لا يعني المرء هو ما لا يحتاج إليه في دينه ولا في دنياه مما هو مشروع له، لا ما يتبع فيه هواه، وهو يشمل القول والفعل، لكن لا بد مع تركه ما لا يعنيه أن يكون مشتغلا بما يعنيه، فهو مسلم والإسلام عمل وإذعان لله تعالى، وقال الحافظ كما في الفتح الرباني للبنا : «وقد عظم العلماء أمر هذا الحديث، فعدوه رابع أربعة تدور عليها الأحكام كما نقل عن أبي داود، وفيها البيتان المشهوران:

<<  <  ج: ص:  >  >>