للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن قوله تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ (٦٧)[الزُّمَر: ٦٧]، والناس عموم، ويمكن أن يقال: هذا لا يثبت به مرور الجميع عليه، بل يسقط الكفار ومن شاء الله سقوطه في النار، ويعبر الناجون على تفاوت بينهم في سرعة المرور الواردة في الحديث الآتي، فيجتمع القولان، والله أعلم.

وقد ثبت الصراط بالكتاب والسنة وإجماع السلف، قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١)[مريم: ٧١]، فسر الورود بالدخول، وتكون جهنم خامدة، أو يجعلها الله تعالى بردا وسلاما على من شاء من عباده، واحتج القائلون به بقوله تعالى: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ [مريم: ٧٢].

وقد يقوي هذا التفسير ما في حديث أم مبشر قالت: سمعت النبي يقول عند حفصة: «لا يدخل النار أحد من أهل بدر والحديبية»، قالت حفصة: أليس يقول الله: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (٧١)[مريم: ٧١]؟، فقال رسول الله : ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ [مريم: ٧٢] (١)، فقد احتجت بالآية على الدخول الذي نفاه، وذكر لها النبي الحجة على إنجائهم.

وقيل إن الورود لا يدل على الدخول، إذ يقال ورد المدينة وإن لم يدخلها، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ﴾ [القصص: ٢٣]، فيكون المراد العبور على جهنم، وعلى هذا ففيه إشارة إلى الصراط.

وقال النبي : «ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة، ويقولون: اللهم سلم سلم»، قيل يا رسول الله وما الجسر؟، قال: دحض مزلة، فيه خطاطيف، وكلاليب، وحسك تكون بنجد، فيها شويكة يقال لها السعدان، فيمر المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل، والركاب، فناج مسلم ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم» (٢).


(١) رواه الإمام أحمد (٢٧٠٤٢).
(٢) رواه مسلم (١٨٣) من حديث أبي سعيد الخدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>