للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يذكر المؤلف النصح لأنه ذكره مع الموالاة، كما لم يذكر إجابة الدعوة هنا، لكنه ذكر بعد ما يمنع لزومها، وقد قيل إن إجابتها واجبة، وقيل إن ذلك خاص بالنكاح، ومطلوبيتها على كل حال مقيدة بما إذا لم يكن ثمة منكر كالغناء والاختلاط ونحو ذلك، ولم يذهب لينهى عنه، وهو مقيد أيضا بما إذا لم يكن في الاستجابة ما يعرض المرء للابتذال كطول الانتظار وطول وقت الوليمة، ويدخل فيه في عصرنا الدعوة إلى ولائم النكاح فيما يسمى بقاعات الأفراح، وسيشير المؤلف في خاتمة باب الطعام والشراب إلى شيء من هذا.

وقوله «ويشمته إذا عطس» تشميت العاطس الدعاء له، يقال شمته بالشين المعجمة وبالمهملة أيضا مشددا، إذا دعا له أن لا يكون في حال يشمت به فيها، والتشميت والتسميت الدعاء بالخير والبركة، كذا في لسان العرب، وقال بعضهم معنى شمته بالشين دعا له بأن يبعد الله عنه الشماتة، وبالسين بأن يجعله الله على سمت حسن، وعطس من بابي ذهب ونصر، وقد قال لنا شيخنا هلالي الأزهري وهو الذي كان يدرسنا الحديث بالمعهد الإسلامي ببلعباس: «العطاس اندفاع أبخرة فاسدة من الرأس»، فهو من وسائل خفة المرء ونشاطه، وهذه صفات محمودة مطلوبة، بخلاف التثاؤب فإنه ينبئ عن التثاقل والكسل والضعف وهي خصال مذمومة، وقد قال النبي : «إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم فحمد الله تعالى كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان»، رواه البخاري عن أبي هريرة.

ولا يشمت العاطس حتى يحمد الله تعالى بأن يقول الحمد لله، فإذا قال ذلك قال له يرحمك الله فيرد بقوله: يهديكم الله ويصلح بالكم»، جاء هذا في حديث أبي هريرة عن النبي قال: «إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله، فإذا قال فليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له يرحمك الله فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم»، رواه أحمد والبخاري وابن ماجة، وفي حديث آخر «فليقل الحمد لله رب العالمين»، وفي آخر «الحمد لله على كل حال»، وجاء أيضا: «يغفر الله لنا ولكم»؛ بدل «يهديكم الله ويصلح بالكم»،

<<  <  ج: ص:  >  >>