للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جاهر بالمنكر، ومن أسر به، ومن ارتكب منكرا في خاصة نفسه، ومن جعله شرعة للناس، ومن تيسرت مناصحته سرا ومن لم يمكن معه ذلك، لكنهم يثأرون ويثورون بشكل جماعي متى تعرض أحدهم لشيء يصدرون البيانات المستنكرة، وترتب على هذا أن تركوا الساحة للغوغاء والدهماء تسب وتشتم وترد على الفساد بفساد آخر يقوي منهج الخوارج ويدعمه، فهم يلتفون مع من خرج على الأمة بالسلاح في صفات عدة، وقد صار لهم اليوم رؤوس في هذا المنحى يقلدونهم ويعاملونهم كأنهم معصومون، وهو فعل المتصوفة بأشياخهم، والشيعة بأئمتهم، فالخلاف بينهم وبين غيرهم من المسلمين خلاف تضاد لا خلاف تنوع، بالغلو في الجرح، والمسارعة إلى التبديع، والطعن في الناس بما تابوا منه وأقلعوا عنه، وعدم قبول أي كلام من مخالفيهم، مما ينفي التهمة، أو يرد الظنة، لا حلم ولا وقار ولا تدرج ولا وموازنة بين المصالح والمفاسد، فتعذر والله أن يحكم للمختلفين بأنهم على الحق جميعا، فإما أنهم مبطلون جميعا فيما اختلفوا فيه، وإما أن طرفا منهم هو الظالم وأنا اجزم بأنهم هم الظالمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>